أربعاء مدريد يوم مشهود

أربعاء مدريد يوم مشهود

أربعاء مدريد يوم مشهود

 الالأردن اليوم -

أربعاء مدريد يوم مشهود

بكر عويضة
بقلم: بكر عويضة

قبل ثمانية وعشرين عاماً، في الثلاثين من أكتوبر (تشرين الأول) 1991. شهدت عاصمة إسبانيا انعقاد مؤتمر السلام في الشرق الأوسط. كان يوم أربعاء أيضاً. لسبب ما، سجلتْ ذاكرتي، ومن ثم أوردتُ اسم ذلك النهار بمفكرتي تحت عنوان: «أربعاء مدريد»، وأضفت: افتتاح فصل جديد من فصول دوامات البحث عن سلام في منطقة كُتب عليها، وقُدِّر لمعظم شعوبها، الابتلاء بحروب ليست تبدو لها نهايات في أفق قريب، فهل يُكتب النجاح لهذا الفصل؟ المُشاهَد من واقع ما يجري، منذ وقائع ذلك اليوم المشهود في مدريد، يجيب بوضوح صاعق أن سلام المنطقة لم يزل بعيداً، وعلى وجه التحديد بين الشعب الفلسطيني والحكومات المتعاقبة على حكم إسرائيل. لماذا، ومَن المسؤول؟

بلا أي تردد، يمكن تحميل الطرف الإسرائيلي كامل المسؤولية، لكن ذلك لن يغسل أيدي أطراف عدة، سواء في الجانب الفلسطيني، أو العربي، أو الدولي، من تحمّل نصيب مهم من مسؤولية توالي الفشل في التوصل للسلام المقبول من الشعبين، الفلسطيني والإسرائيلي. قبل أي خوض في تفاصيل إسهام الآخرين في إفشال مساعي السلام العادل، جدير بساسة إسرائيل إمعان النظر في مرايا تصرفاتهم، لعلهم يقرّون بالفعل أنهم يتحملون النصيب الأوفر، والأهم، إزاء استمرار مسلسل دوامة الفشل. لقد بدأ سعي بعض ساسة تل أبيب لإفشال المسعى السلمي الجديد، بوضع عراقيل أمام احتمال النجاح، من جلسة افتتاح مؤتمر مدريد ذاته، إذ هدد إسحاق شامير، رئيس الوفد الإسرائيلي، بالانسحاب بدعوى الاحتجاج على ارتداء صائب عريقات، عضو الوفد الفلسطيني، الكوفية الفلسطينية. انظر إلى الأسلوب الممجوج في ادعاء الذرائع! عندما وصلت ملاحظة إلى جيمس بيكر، وزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك، ورئيس الوفد الأميركي للمؤتمر، بشأن تهديد شامير بالانسحاب، أجاب ببساطة: دعه ينسحب.

بالطبع لم ينسحب شامير. لماذا؟ لأن صلابة الموقف الأميركي، عندما تتوفر، كفيلة بأن توقف تصلّب العناد الإسرائيلي عن الاستمرار في صلافة المواقف الرافضة لأي منطق. ربما من المفيد هنا التذكير بحقيقة يُفتَرض أن يتذكرها كل متابع لمحاولات التوصل للسلام العربي - الإسرائيلي، وخلاصتها أن جيمس بيكر نفسه وقف أمام جموع الصحافيين ومراسلي وكالات الأنباء العالمية في إسرائيل ذاتها، رافعاً يده بورقة تحمل رقم هاتف البيت الأبيض، ومخاطبا ساسة إسرائيل بما مضمونه، هذا رقم هاتفنا، اتصلوا بنا عندما تقررون وقف بناء المزيد من المستوطنات، والبدء جدياً في مفاوضات سلام. كان ذلك قبل انعقاد مؤتمر مدريد، عندما كانت إدارة الرئيس جورج بوش (الأب) حريصة بالفعل على ما يمكن عدّه تطويق ما نشأ من حرائق بسبب كارثة غزو الرئيس العراقي صدام حسين الكويت، وإرغامه على الانسحاب منها عسكرياً، بعدما رفض كل محاولات إخراجه سلمياً. ضمن ذلك السياق، بدا طبيعياً إعطاء أولوية لتحريك عملية السلام العربي - الإسرائيلي، وهو أمر لم يكن ممكناً بلا تشدد أميركي في مواجهة العناد الإسرائيلي. ذلك الموقف الصلب من جانب واشنطن، لم يكن ليتحقق كذلك لولا ممارسة الدول العربية ذات الحضور الفاعل، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، ضغوطاً على الإدارة الأميركية لعمل شيء يقنع العالم العربي بجدية واشنطن في القيام بدور وسيط عادل بين العرب وإسرائيل. الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز، السفير السعودي يومذاك في الولايات المتحدة، أدى دوراً بالغ الأهمية، بعيداً عن أضواء الإعلام، في التئام مؤتمر مدريد، وكان أحد حضوره البارزين.

استحضار بعض وقائع ما مضى يُفترض أن يفيد في أخذ العبرة، وتجنّب تكرار ما وقع من أخطاء. سهل ترديد هذا القول، أغلب الناس، ربما الكل، يردده بلا ملل. الصعب هو التطبيق. ذلك أمر ينطبق، بشكل محدد، على أكثر من طرف فلسطيني، وعربي، ودولي، أسهم في تعقيد التوصل للسلام، منذ أربعاء مدريد، اليوم المشهود بالفعل، بما شَهِد من تثبيت للحق الفلسطيني على مرأى ومسمع من العالم، بمنطق حضاري أذهل كثيرين. ليس من السهل أن تنسى الذاكرة ترؤس دكتور حيدر عبد الشافي للوفد الفلسطيني، وإلى جانبه دكتورة حنان عشراوي، ومعهما دكتور صائب عريقات. تشكيل ذلك الوفد، برضى من جانب ياسر عرفات، الزعيم الواثق بنفسه، أفشل عقبة أرادها شامير لغماً ينسف المؤتمر قبل انعقاده. ذلك يوم مشهود حقاً، وسوف يأخذ مكانه المتميز دائماً في الذاكرة التاريخية عموماً، والفلسطينية خصوصاً

jordantodayonline

GMT 04:56 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

العبور إلى النصر على جسر الموسيقى

GMT 13:10 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

من شعراء الأندلس - ٢

GMT 04:08 2020 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

زهد موريتانيا ومنظومة الأمونيوم اللبنانية

GMT 03:07 2020 السبت ,22 آب / أغسطس

بري والحريري لن يتركا لبنان ينهار

GMT 10:31 2020 السبت ,15 آب / أغسطس

نصرالله يدافع عن سقوط حكومته

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أربعاء مدريد يوم مشهود أربعاء مدريد يوم مشهود



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 23:11 2017 الثلاثاء ,21 شباط / فبراير

حياة من دخان

GMT 22:20 2014 الإثنين ,29 أيلول / سبتمبر

روسيا تؤكد حظر صيد سمك الحفش في بحر قزوين

GMT 23:27 2015 الثلاثاء ,27 كانون الثاني / يناير

سعيدة بنعيدا تكشف قصصًا طريفة عن القفطان المغربي

GMT 09:03 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

علماء الفلك يحلون لغز مجرة تحتوي على 99.99٪ مادة مظلمة

GMT 16:16 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

سبب هجوم الجمهور على حلقة ياسمين صبري في صاحبة السعادة

GMT 03:08 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

أبرز طقوس الأقباط خلال احتفالهم بـ"عيد الغطاس" في مصر

GMT 19:25 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

الزهور ينظم البطولة الشتوية لكرة اليد بمشاركة 40 ناد

GMT 12:57 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

تنفيذ حكم القتل قصاصاً في أحد الجناة بالقصيم

GMT 00:42 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

"كابتن تركيا" الحسناء تتخلى عن وظيفتها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab