خطر ما بعد كورونا «ارتداد الاعتدال إلى التكفير»

خطر ما بعد كورونا: «ارتداد الاعتدال إلى التكفير»!

خطر ما بعد كورونا: «ارتداد الاعتدال إلى التكفير»!

 الالأردن اليوم -

خطر ما بعد كورونا «ارتداد الاعتدال إلى التكفير»

بقلم - عماد الدين أديب

سوف تشهد المنطقة ارتداداً مخيفاً فى السلوك الإنسانى لدى معظم الناس من الممكن أن يغير فى خارطة مزاج وتركيبة واتجاهات الرأى العام فى الشرق الأوسط.

بعد الحروب، الكوارث الطبيعية، الأزمات الاقتصادية الطاحنة، الثورات، التغييرات فى الأنظمة، تحدث هزات مزلزلة لطبيعة جوهر وسلوك المجتمعات.

هذه التغييرات رصدها تاريخياً علم الاجتماع السياسى، وعلم النفس الاجتماعى، وبحوث ودراسات الرأى العام.

هذا كله يؤدى إلى ارتداد قطاعات من المجتمعات عن مبادئ وقيم كانت راسخة.

وتعريف «المرتد» علمياً هو من اعتنق مبدأ أو ديناً أو مذهباً ثم تراجع عنه، والمرتد عن الشىء هو المتراجع عنه، ويقال «ارتد عن القافلة» أى تقهقر عنها.

وبعد كورونا، وحينما تنتهى -بإذن الله- آثاره الصحية سوف تعيش المنطقة تغييرات وآثاراً شديدة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

أخطر هذه التغييرات هى نظرة الناس إلى «الإيمان بالله» وإلى أسلوب «مقاربة الدين».

هزة كورونا النفسية قد تدفع بأصحاب الفكر المادى إلى مزيد من الروحانية، وقد تدفع بضعاف العلم عامة، وذوى هشاشة الإيمان خاصة، إلى تشدد عظيم، قد يصل إلى حد يكفر المجتمع والحاكم والحكومات.

هذا التكفير المتوقع سوف يتم تدعيمه وتأجيجه من قوى عديدة تسعى منذ سنوات إلى إشاعة «الفوضى» وتأليب الرأى العام ضد حكامه، بهدف إسقاط مشروع الدولة الوطنية من أجل إقامة مشروع التجزئة والتقسيم العرقى والدينى والطائفى والمناطقى والمذهبى.

علمنا التاريخ، وهو خير معلم، أن الهزات الكبرى تُحدث تغييرات اجتماعية وفكرية ونفسية عظيمة فى المجتمعات ذات التعليم الفاسد والإعلام المشوَّش وطمس الهوية الوطنية والثقافة الهشة، والخطاب الدينى المغلوط.

حدث ذلك فى مصر عقب هزيمة يونيو 1967 والزلزال الشهير فى التسعينات وأحداث يناير 2011، وحدث ذلك فى الولايات المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية، وحرب فيتنام، واغتيال جون إف كيندى، واستقالة نيكسون وأحداث سبتمبر 2001 وأزمة 2008 المالية، وفوز اليمين الإنجيلى بزعامة دونالد ترامب بالرئاسة.

وحدث ذلك فى العراق بعد غزو الولايات المتحدة للبلاد، وسيطرة الحرس الثورى الإيرانى على مفاصل الحكم فى بغداد، وظهور حركة الاحتجاج الشيعى فى الجنوب على الحكم المدعوم إيرانياً.

وحدث ذلك فى السعودية بحادث جهيمان باحتلال الكعبة المشرفة، وبغزو صدام للكويت، وعقب بدء الحوار الوطنى فى عهد الملك عبدالله -رحمه الله- وحركة الإصلاح التى بدأت فى عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، وطرح رؤية 2030 التى قدمها الأمير محمد بن سلمان والتى أدت إلى إصلاحات فى حقوق المرأة، وانفتاح المجتمع، واحترام الحرية الشخصية.

ويحدث ذلك الآن فى كل دولة فى العالم تعرضت للآثار الاجتماعية والخسائر المادية لفيروس كورونا.

الحدث الضاغط فى علم الحركة يحتاج إلى قوة مقاومة إما أن تغلبه أو يغلبها أو تتوازى معه.

وحدث الكورونا ضاغط ذو أثر هائل يقابله كثير من المجتمعات التى تعانى ضعفاً فى الأدمغة وفقراً فى الثقافة، وهشاشة فى المناعة الفكرية واضطراباً فى الخطاب الدينى.

باختصار، حدث كورونا هو انتكاسة اجتماعية لبعض قطاعات العالم العربى الهشة فكرياً!

علمياً، ضغط القوة مع ضعف المقاومة يؤدى إلى اختلال فى البناء القديم وانهيار لمنظومة القيم إذا ما كانت هشة.

نحن على أعتاب عملية ارتداد كبرى عن كثير من المسلمات السابقة فى مجتمعات ما قبل كورونا.

هذه الارتدادات، للأسف، لن تكون تصحيحية إلى الأفضل، لكنها، بسبب ضعف الثقافة الوطنية، وفساد التعليم، واضطراب الخطاب الدينى، سوف تتجه نحو تشدد فكرى ودينى يصل إلى مرحلة التكفير.

نحن على أعتاب قيام البعض بتكفير البعض سياسياً ودينياً وفكرياً!

باختصار، نحن أمام رد فعل عظيم يؤدى إلى حالة ارتداد فكرى تؤدى إلى كفر بكل ما سبق كورونا، يصل بنا إلى تكفير الحكم والحاكم والمجتمع.

إننى أحذر من ذلك الآن وبشدة، وأراه آتياً بتشجيع من قوى شريرة فى الداخل تدعمها قوى إقليمية بتشجيع من قوى دولية.

سوف يفسرون الوباء الفيروسى على أنه دليل قاطع على غضب السماء على الأرض.

وسوف يفسرون أن أعداد المصابين والوفيات حدثت ليس بسبب غموض وقوة الفيروس ولكن بسبب سوء التعامل الرسمى معه.

وسوف نعود -وبقوة- إلى شعار «الإسلام هو الحل» من بوابة ضرورة العودة إلى الله وهى دعوة تبدو للوهلة الأولى إيمانية خالصة، لكنها فى حقيقتها شر مبطّن فى ثوب برّاق يمس القلوب ويستولى على العقول.

فيروس كورونا هو حدث تاريخى فى حياة البشرية جميعها، وهى قصة غير اعتيادية لا يمكن تجاهلها، لذلك يتعين تقديم تفسير علمى موضوعى شفاف لها ولكل ما أحيط بها.

سوف تجد البشرية علاجاً شافياً من الوباء الفيروسى، لكن الأخطر، الذى سيبقى معنا، هو التداعيات الفكرية التى تجعل من كل معتدل متشدداً، وكل عاقل موتوراً، وكل مؤمن مشروع تكفيرى والعياذ بالله!

jordantodayonline

GMT 00:33 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عن ردع إيران إقليمياً ودولياً

GMT 00:24 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لكنْ ماذا عن المسلمين أنفسهم؟

GMT 00:20 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

GMT 00:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع عالمي «إرهابي» بامتياز

GMT 00:04 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حرمان الأمومة... مرتين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطر ما بعد كورونا «ارتداد الاعتدال إلى التكفير» خطر ما بعد كورونا «ارتداد الاعتدال إلى التكفير»



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 05:19 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

استراليا وفرنسا تتفقان على بناء ملاذ بحري ضخم في أنتاركتيكا

GMT 02:32 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أطباء يكشفون عن بشرى سارة للمرضى المصابين بالبهاق

GMT 10:14 2015 الثلاثاء ,05 أيار / مايو

لوبيز بفستان جريء جدًا في حفل "ميت غالا"

GMT 01:55 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صلاح عبد الله يكشف عن تفاصيل دوره في "البيت الأبيض"

GMT 09:41 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

مجموعة من النصائح لاختيار ألوان دهانات الحوائط

GMT 06:32 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

ميشال بارنييه يوضح شروط خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:35 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

"تميم" يبعث رسالة إلى أمير الكويت قبل انعقاد القمة الخليجية

GMT 01:14 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

800 مليون عامل يفقدون وظائفهم بسبب الروبوت بحلول 2030

GMT 01:36 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

لاعب برشلونة سيرجيو بوسكيتس يرفض اللعب دون جمهور

GMT 06:58 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح الفنانة ميرنا وليد لتجسيد شخصية السيدة مريم العذراء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab