النفوذ الإقليمي في سوريا والانكفاء العربي

النفوذ الإقليمي في سوريا والانكفاء العربي

النفوذ الإقليمي في سوريا والانكفاء العربي

 الالأردن اليوم -

النفوذ الإقليمي في سوريا والانكفاء العربي

بقلم - علي الأمين

الحاضنة العربية لسوريا هي حاجة سورية بالتأكيد، لكنها حاجة عربية يفترضها الأمن الإقليمي العربي، وأخطر ما تتعرض له سوريا هو رسم خارطة نفوذ تقوم على أن ثمة خطرا إرهابيا خرج من الأكثرية.الاستراتيجية الإيرانية تقوم على فرض وقائع عسكرية وديمغرافية في سوريا

لا شك أن المنظمات الإرهابية كانت من أهم وسائل نفوذ وتمدد قوى إقليمية ودولية في المنطقة العربية، وهي إلى جانب كونها منظمات معروفة المنشأ والتوجه، فإن التنظيم البارز أي تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” كان الأبرز بعد تنظيم القاعدة في شق الطرق أمام هذا النفوذ الخارجي، وتنظيم داعش شكل، إلى حدّ بعيد، أداة أمكن استخدامها من قبل السلطات المحلية لمواجهة انتفاضات شعبية سعت إلى تغيير أنظمة القهر والاستبداد كما كان الحال ولا يزال في سوريا، ولقمع المطالب الشعبية المحقة في مواجهة الفساد والتمييز والتهميش كما جرى في العراق.

وفي نظرة سريعة نلاحظ أن الحرب على الإرهاب كما استثمرتها دول إقليمية برعاية وإشراف غربي، أميركي وروسي، كشفت عن تنامي نفوذ الدول الإقليمية في المنطقة العربية، فضلاً عن الدولية، في مقابل تراجع كبير وفاضح للنظام الإقليمي العربي، حيث تبدو جامعة الدول العربية الغائب الأكبر عن المسرح الذي يفترض أن تكون فيه الفاعل.

ما يثير القلق السوري والعربي عموماً اليوم، ليس بقاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد أو نهايته، وهو بطبيعة الحال انتهى لكونه فقد كل قدراته في إدارة الدولة وسلطاتها، وباتت وظيفته الأخيرة هي البقاء بالقوة في انتظار ما سترسو عليه بورصة المشهد الإقليمي والدولي في سوريا، وما سيرسو عليه الصراع على المكاسب في هذا البلد. قد تكون هذه الصورة راسخة في أذهان الكثيرين على مستوى الشعب السوري، بل على امتداد شعوب الدول العربية، لكن ما يثير القلق كما أسلفنا، هو ما يتصل بمستقبل الكيان السوري، ومدى انعكاس المطامح الإقليمية والدولية، في المحاولات المستمرة لاستثمار طبيعة المكونات المجتمعية السورية وتنوعها في رسم جغرافية النفوذ الإقليمي.

روسيا التي تقدم نفسها باعتبارها الطرف المنتصر على الإرهاب والراعي لمشروع سوريا الجديدة، ولو بعد أن ساهمت في تدميرها، تتقاطع في هذه المهمة مع إيران، وإن من باب الطرف المقرر والمدرك أن النفوذ الإيراني الميداني في هذا البلد هو أمر ضروري وملح، طالما أن أيّ بديل آخر غير متوفر بشروط توفير المرجعية الروسية على هذا البلد، وتأمين مستلزمات السيطرة المادية والمعنوية، فلا الإدارة الأميركية في وارد طمأنة روسيا إلى مستقبلها في سوريا، ولا هي مطمئنة إلى قوتها الذاتية التي باتت أمام مخاطر الاستنزاف وكلفة بقاء الجنود الروس غير المحددة والمستمرة دون تحديد أي موعد لوقف الحرب أو إعلان نهايتها.

فيما الولايات المتحدة تستمر في تثبيت قواعدها العسكرية في الشرق وعلى الحدود العراقية، وتشير الوقائع الميدانية إلى أنّ سيطرتها على مناطق الثروة النفطية في سوريا دائمة، فيما تتأرجح علاقاتها مع التنظيمات الكردية في الشمال السوري، بين التبني الكامل لها وبين مراعاة بعض الحسابات التركية ومصالحها.

تركيا التي نجحت في الالتفاف على الكماشة الأميركية والروسية، بالانسجام مع متطلبات النفوذ الروسي في سوريا، وبإيجاد قنوات تفاهم مع واشنطن حول شروطها في شمال سوريا، وباستثمار حاجة إيران لها في مرحلة العقوبات الأميركية، حققت فرصاً جديدة لعدم خروجها من سوريا

لا تبدو إيران في وارد الخروج من سوريا، فهي التي دفعت الكثير من المال والدماء في سبيل الذود عن نظام بشار الأسد، ولمنع الثورة السورية من تحقيق التغيير، لذا فإن العقوبات الأميركية المتشددة لن تدفع إيران إلى الخروج من سوريا، فالاستراتيجية الإيرانية تقوم في هذا البلد على فرض وقائع عسكرية وديمغرافية تجعل من وجودها في هذا البلد مستنداً إلى قواعد سياسية واجتماعية يصعب تغييرها، أو ترفع من كلفة إخراجها من هذا البلد.

فالقيادة الإيرانية التي وفرت كل الشروط التي طلبتها إسرائيل في سوريا وبرعاية روسية، لا سيما تلك المتصلة بأمن إسرائيل وأنجزت معها تفاهماً سلساً في الجنوب السوري بإشراف روسي وغطاء أميركي، بدأت بالتفرغ لمهمة أخرى كانت بدأتها وتعمل اليوم على استكمالها، وهي المهمة التي تقوم على بناء علاقات وثيقة تقوم على نظام مصالح مادية وأمنية مع بيئات اجتماعية سورية متنوعة.

وتركز إيران نشاطها على نسج ما أمكن من علاقات مع الأقليات سواء منها المسيحية على تنوعها أو الأكراد وغيرهم من المجموعات الإثنية التي ساهم تنظيم داعش في إثارة مخاوفها الوجودية، وعززها سلوك متبع في السياسات الدولية والإقليمية يولي اهتماما خاصاً لموضوع الأقليات لأسباب سياسية بالدرجة الأولى. كما عمدت إيران إلى إنشاء ميليشيات سورية في العديد من مناطق سيطرتها، وقد أمكن لها الوصول إلى عدد من العشائر الذين انخرطوا في أطر ميليشياوية تمولها وتسلحها إيران.

في المقابل فإن تركيا التي نجحت في الالتفاف على الكماشة الأميركية والروسية، بالانسجام مع متطلبات النفوذ الروسي في سوريا، وبإيجاد قنوات تفاهم مع واشنطن حول شروطها في شمال سوريا، وباستثمار حاجة إيران لها في مرحلة العقوبات الأميركية، حققت فرصاً جديدة لعدم خروجها من سوريا، وهذه النقاط الاستراتيجية التي حققتها أنقرة داخل سوريا، انتقلت من طموح “الدولة السلطانية” إلى الدولة الإقليمية الملتزمة بقواعد السيطرة الأميركية والروسية في هذا البلد العربي.

على أن ما يجب التنبه له هو أنّ التخلي العربي عن هذا البلد أتاح للقوى الإقليمية الطامحة لتثبيت نفوذها وشرعنته في سوريا، ونقصد تحديدا تركيا وإيران وإسرائيل، أن تتمادى في هذا السلوك، أي أنّ الدور العربي غائب حتى من باب وضع الخارطة السورية بكل ما فيها أمام المسؤولية العربية، وإشعار المجتمع السوري بكل مكوناته أن ثمة قوى عربية محورية معنية بما يجري في سوريا وليست غائبة عنه، إذ لا يمكن تقبل أن تكون قوة تركيا أو إيران وحتى إسرائيل متقدمة بأشواط على القوة العربية سواء كانت النظام الإقليمي العربي أو أي دولة عربية.

الحاضنة العربية لسوريا هي حاجة سورية بالتأكيد، لكنها بالضرورة حاجة عربية جامعة تفترضها أبجدية الأمن الإقليمي العربي، وأخطر ما تتعرض له سوريا اليوم هو إعادة رسم خارطة نفوذ ديمغرافي، يقوم على أن ثمة خطرا إرهابيا اسمه تنظيم داعش خرج من بطن الأكثرية في سوريا، وأن الأقليات لن تجد حضنا لها إلا من خلال إعادة صوغ وجودها على قاعدة أنها مكونات في خطر وتحتاج إلى حماية وتبنّ خارجي، وهذا واقع خطير طالما أن الشعب السوري بكل مكوناته شاهد على مأساة التخلي العربي عنه وتركه نهباً للذئاب الإقليمية والدولية.

jordantodayonline

GMT 15:19 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

لماذا كل هذه الوحشية؟

GMT 15:17 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

عن حماس وإسرائيل ... عن غزة و"الهدنة"

GMT 15:21 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

لجان الكونغرس تدين دونالد ترامب

GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النفوذ الإقليمي في سوريا والانكفاء العربي النفوذ الإقليمي في سوريا والانكفاء العربي



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 10:49 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

هيئة الطيران المدني تبحث مع الاتحاد الدولي للرياضات الجوية

GMT 00:56 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

حبيب الصدر يؤكد انتظار مصر لشحنة النفط العراقي

GMT 14:25 2014 الإثنين ,11 آب / أغسطس

كندا ترفع الحظر عن مياه الشرب بعد تلوثها

GMT 05:30 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

أفضل بيوت الشباب على مستوى العالم

GMT 15:33 2014 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حب في الحرب" أحدث أعمال المخرج عبد اللطيف

GMT 06:04 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

سيارة "شيفرولية كامارو 2019" تغزو الشرق الأوسط

GMT 05:58 2019 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

عمر الشناوي يكشّف تفاصيل دوره في مسلسل "سوبر ميرو"

GMT 04:26 2019 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

مواصفات "باترول" 2019 رباعية الدّفع مِن "نيسان"

GMT 03:07 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

لعبة داخل شيكولاتة "Kinder Surprise Egg" تتسبب في صدمة أًم

GMT 00:57 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تألّقي بأساور "التنيس" لمزيد من العصرية والأناقة

GMT 07:24 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة هند صبري تواصل تصوير مشاهدها في فيلم "الممر"

GMT 02:23 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تسحب 75 ألف سيارة من السوق بسبب خطأ في تصنيعهم

GMT 03:19 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حسن تُؤكّد أنّ "لا أحد هناك" خُطوة مُهمّة في مشوارها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab