مريضان يريدان معالجة مريض ثالث

مريضان يريدان معالجة مريض ثالث

مريضان يريدان معالجة مريض ثالث

 الالأردن اليوم -

مريضان يريدان معالجة مريض ثالث

بقلم - خير الله خير الله

لا يستطيع مريضان معالجة مريض ثالث. يستطيعان نقل امراضهما اليه لا اكثر. ايران مريضة. ترفض قبل كلّ شيء ان تكون دولة طبيعية والاعتراف بالامراض المتنوعة التي تعاني منها. مثل هذا الاعتراف يمكن ان يكون خطوة أولى في طريق مباشرة العلاج الذي لا تزال "الجمهورية الإسلامية" ترفضه بقوّة وعناد.

وضعت تركيا نفسها على طريق ايران وذلك عبر الركض وراء الأوهام التي يصنعها عقل شخص مثل الرئيس رجب طيّب اردوغان الذي يؤمن للاسف بانّ الفكر المتخلّف للاخوان المسلمين مستقبل المنطقة.

يعتقد اردوغان ان فكر الاخوان المسلمين سيسمح له باستعادة امجاد الدولة العثمانية. لا يدرك انّ مثل هذا الفكر هو الطريق الأقصر في اتجاه تحويل تركيا الى دولة متخلّفة منغلقة على نفسها بدل ان تكون دولة قادرة على ان تكون نموذجا يحتذى به في المنطقة كلّها.

لا يستطيع المريضان الإيراني والتركي تقديم أي علاج للمريض الثالث الذي هو المشرق العربي الممتد من لبنان الى العراق، مرورا بسوريا. وحده الأردن، على الرغم من كلّ المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها، بقي خارج دائرة المرض. بقي خارج المرض، اقلّه الى الآن، بعدما سعى في مثل هذه الايّام من العام 1988 الى التأقلم مع الحقائق الجديدة في المنطقة، فاتخذ الملك حسين قرارا بفك الارتباط مع الضفّة الغربية التي احتلتها إسرائيل في العام 1967. ابعد نفسه باكرا عن كلّ ما يمكن ان يجعله، على نحو مباشر، اسير صراع فلسطيني – إسرائيلي لا يبدو قابلا للحلّ قريبا.

ماذا تفعل ايران المريضة في العراق وسوريا ولبنان، وهي كلّها دول مريضة؟ كلّ ما فعلته، وما زالت تفعله، في العراق، منذ سلّمها إياه الاميركيون، ابان عهد جورج بوش الابن في العام 2003 على صحن من فضّة، يتمثّل في الرهان على اثارة الغرائز المذهبية. اعتقدت ان الغرائز المذهبية ستضمن لها موقعا دائما في هذا البلد الأساسي في الاقليم والذي يظلّ عمقا في غاية الاهمّية لدول الخليج العربي.

تراهن ايران على تحويل العراق الى تابع لها عن طريق ميليشيات يتكوّن منها "الحشد الشعبي" الذي ترى فيه رديفا لـ"الحرس الثوري"، الذي تحوّل الى السلطة الحقيقية في "الجمهورية الإسلامية". ليس "الحشد الشعبي" سوى مجموعة ميليشيات مذهبية تقودها شخصيات تتلقى اوامرها من طهران وتنفذ اجندة إيرانية. لم تقتنع ايران بانّ ذلك ليس كافيا لاخضاع العراق وانّ الشيعة العرب سينتفضون عليها وعلى مشروعها الذي لا افق له. الدليل على ذلك، ان مصطفى الكاظمي في موقع رئيس الوزراء في العراق. على الرغم من ان الرجل ليس معاديا لإيران ولديه قنوات اتصال خلفية معها، يبقى الأكيد انّه لو عادت الأمور الى المسؤولين الإيرانيين، لما كان مصطفى الكاظمي في الموقع الذي هو فيه.

يريد المريض العراقي معالجة نفسه. يدرك اوّلا انّه مريض ويدرك انّ الخطوة الأولى في هذا الاتجاه تكمن في إعادة الاعتبار الى المؤسسات العراقية والانتهاء تدريجا، من دون اللجوء الى العنف، من "الحشد الشعبي" الدي ليس سوى لغم إيراني في الخاصرة العراقية.

هناك بعض الامل بالعراق. سنرى هل ستتحقق، على ارض الواقع، إيجابيات بعد اجراء الانتخابات التشريعية المتوقّعة في حزيران – يونيو 2021. سيتبيّن عندئذ هل يمكن استعادة العراق وتخليصه من الامراض التي نقلتها اليه ايران والتي ساهمت في تفشيها ادارتا بوش الابن وباراك أوباما؟

على العكس من العراق، حيث بدأت تترسّخ فكرة التخلّص من السلاح الميليشوي والمذهبي لمصلحة سلاح الدولة، تغرق سوريا ولبنان في امراضهما التي تغذيها ايران عبر سياسة تصبّ في القضاء نهائيا على البلدين. في سوريا، هناك رهان إيراني ودعم لنظام اقلّوي مفلس على كلّ صعيد لا مستقبل له، اللهمّ الّا اذا كان المطلوب تفتيت البلد نهائيا.

في لبنان، لم يعد من وجود لبلد قابل للحياة تصرّ ايران على استخدامه ورقة في المواجهة مع الإدارة الأميركية الحالية. بلغ الوضع في لبنان درجة من السوء، قال فيها رئيس الجمهورية ميشال عون، بعفوية ليس بعدها عفوية، لدى سؤاله الى اين يسير البلد: "طبعا، رايحين على جهنّم". هزلت مؤسسات الدولة اللبنانية بالفعل. ليس معروفا هل سيبقى شيء في لبنان بعدما عبثت به ايران معتقدة ان تحقيق انتصارات على اللبنانيين وعلى البلد الصغير سيجعلها في وضع افضل في أي مفاوضات مع اميركا.

ماذا عن المريض التركي الآن؟ يعتقد هذا المريض انّ لديه مستقبلا في المنطقة وانّ في استطاعته الاستفادة من امراض الآخرين. مشكلة هذا المريض، اذا وضعنا وجوده في سوريا جانبا، انّه لم يستطع إقامة علاقات طبيعية مع أي طرف إقليمي. لم يعد يعرف اين الحدود التي يفترض به التوقّف عندها. قد تكون مشكلته الأساسية في انّه لا يعرف ان ليست لديه تجربة ناجحة يقدّمها للآخرين. ذهب اردوغان الى ليبيا. ما الذي يستطيع تقديمه لليبيا، أي دور تركي في ليبيا غير دور ترسيخ القطيعة بين الليبيين والمناطق الليبية ودعم التنظيمات المسلّحة المتطرّفة؟

بدل ان تكون تركيا خير جار لليونان وقبرص، اذا بها تستفزّ بلدين مسالمين يعمل المسؤولون فيهما من اجل مستقبل افضل لشعبيهما في اطار الاتحاد الأوروبي. ساعد الاتحاد الأوروبي اليونان وتركيا على التعافي بعد ازمتين اقتصاديتين عميقتين مرّ فيهما البلدان. لماذا ترفض تركيا التعاطي مع أوروبا بطريقة عادية والاستفادة منها في مجالات مختلفة بدل اللجوء الى الابتزاز والمزايدات والاستفزاز؟

يمكن لتحويل أيا صوفيا الى مسجد آخر في استانبول بعدما كانت آيا صوفيا كاتدرائية ثم متحفا. ماذا بعد ذلك؟ ما الذي يفيد من اثارة مثل هذا الشعور الديني لدى بعض الاتراك البسطاء؟ الاهمّ من ذلك كلّه... كم سيدوم ذلك؟ هل يعتقد رجب طيّب اردوغان ان مثل هذا التصرّف سيعيد الاعتبار للعملة التركية (الليرة) التي تتدهور بشكل مستمر؟

لا يستطيع مريضان معالجة مريض ثالث. يفترض بكلّ مريض معالجة نفسه اوّلا. تحتاج ايران الى العودة دولة طبيعية. ما ينطبق على ايران ينطبق على تركيا ايضا. المريض لا يعالج مريضا. اقصى ما يستطيع عمله هو نقل امراضه اليه. هذا ما تفعله ايران وهذا ما تفعله تركيا في المنطقة.

jordantodayonline

GMT 00:33 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عن ردع إيران إقليمياً ودولياً

GMT 00:24 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لكنْ ماذا عن المسلمين أنفسهم؟

GMT 00:20 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

GMT 00:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع عالمي «إرهابي» بامتياز

GMT 00:04 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حرمان الأمومة... مرتين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مريضان يريدان معالجة مريض ثالث مريضان يريدان معالجة مريض ثالث



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 02:25 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

علماء الآثار يكشفون سر مومياء طفلة مصرية في حوارة

GMT 20:57 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

هل العلاج النفسي مهم لصحة طفلك؟

GMT 06:48 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم "بريدجيت جونز" يلهم رواد الموضة في شتاء 2017

GMT 02:46 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة حديثة تكشف تأثير التأمل على أنشطة الدماغ

GMT 18:06 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فول الصويا المحمص لخفض ضغط الدم ما بعد انقطاع الطمث
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab