عن حياتنا المعلّقة والغامضة اليوم

عن حياتنا المعلّقة والغامضة اليوم...

عن حياتنا المعلّقة والغامضة اليوم...

 الالأردن اليوم -

عن حياتنا المعلّقة والغامضة اليوم

بقلم - حازم صاغية

يبدو التعليق، ومن ضمنه التأجيل، السمة الأبرز لحياة ملايين البشر في يومنا الراهن. «كوفيد» حين ألزم هؤلاء الملايين بيوتهم علّق أموراً كثيرة، بعضها ينتظر البتّ، وبعضها ينتظر المتابعة والاستكمال، وكلّها ينتظر الوضوح. وقد يجوز القول إنّه ما من شيء يسعى ويتحرّك على سطح الأرض إلا تأثّر بـ«كوفيد». من العمل، إلى الحبّ، إلى السفر... ما من علاقة سوف تبقى بعد «كوفيد» كما كانت قبله. هنا مثل هناك مثل هنالك.
وفي التعليق، والانتظار الطويل لما يليه، تزداد الأشياء غموضاً، على ما تدلّ القرابة، أقلّه باللغة الإنجليزيّة، بين تعليق (suspension) وغموض (suspense).
والحال أنّ وجه العالم اليوم يشبه وجوه بشره الذين ألبستهم «كورونا» الكمّامات؛ نحدّق في ذاك الوجه ونحن غير متأكّدين ممّا نرى وممّا قد يتكشّف عنه المشهد. أهو هو حقّاً؟
الوضع الاقتصاديّ العالميّ والمأزوم بالغ الغموض. إنّنا نعيش الركود الأكبر في التاريخ العالميّ مصحوباً بمكوث أكثر من ثلث سكّان المعمورة في بيوتهم. مصائر العولمة على المحكّ، والاحتمالات كلّها واردة سلباً وإيجاباً. القرارات التي ستُتّخذ لإحداث نوع من الانتعاش الاقتصاديّ مرهونة جميعاً بحركة «كوفيد»، و«كوفيد» كما بتنا نعرف دائم الحركة والتقلّب. الغموض نفسه ينسحب على ما يترتّب على الاقتصاد من سياسة ومن خيارات سياسيّة؛ خصوصاً في البلدان الديمقراطيّة حيث تتولّى الإرادة الشعبيّة صنع السلطة. ثمّ؛ ماذا عن الثورات والحشود الجماهيريّة في ظلّ «كوفيد»؟

التعليم أيضاً يخضع لاختبارات كثيرة وجدّيّة؛ هل ينتقل العالم إلى التعليم عن بُعد بعدما انتقل فجأة 1.2 مليار تلميذ في 186 بلداً من الصفوف إلى البيوت؟ ماذا يعني ذلك على مستويات كثيرة في عدادها توسيع الفوارق بين الأمم الفقيرة والغنيّة كما بين الطبقات الفقيرة والغنيّة في البلد الواحد؟ وهناك سلسلة هائلة الحلقات من الأسئلة؛ العلاقة بالبيت، الاحتفاظ أو عدمه بالمباني الجامعيّة، الرابطة الجديدة بين الأهل والأبناء المحشورين في المنزل، فكرة الصداقة التي تشكّل المدرسة تقليديّاً أحد أبرز مصادرها، وأخيراً صلة الأستاذ بالتلميذ. هناك أيضاً ما يخصّ الجامعات والأكاديميا بعد تراجع قدراتها الماليّة، وما يعكسه ذلك على الأبحاث والمؤتمرات والنشاطات الأخرى، ولكنْ أيضاً على شخصيّة الأكاديميّ نفسه الذي قد يغدو أشدّ عزلة وانكفاء.
الإنتاج الثقافيّ بدوره موضوع تكهّنات كثيرة؛ أيّ ثقافة في الغد؟ أيّ نشر؟ أيّ بطل وأيّ بطل مضادّ؟... السينما منكوبة، المعارض كذلك، ومثلها قطاعات غير ثقافيّة كالرياضات على أنواعها، والسياحة والخدمات والمطاعم والمقاهي... ماذا عن المدن وصلتها بالضواحي والأرياف في الطور المقبل؟ هل ستتغيّر خريطة السكن وما ينجرّ اجتماعيّاً عن ذلك؟ ماذا عن النقل العامّ الذي كثيراً ما حُمّل مسؤوليّة الوباء وتفشّيه؟ ماذا عن الرجال والنساء في ظلّ علاقة متفاوتة، ومرشّحة لمزيد من التفاوت، حيال سوق العمل؟ أيّة نِسويّة ستظهر بعد تفاقم ظاهرة العنف المنزليّ؟ أيّة أفكار وقيم جديدة ستأتي بها هذه التحوّلات؟
لكنْ ليس كلّ تعليق الحياة، وما يستدعيه من غموض، سببه «كوفيد». هناك ما يتّصل بضعف الإرادة والتدخّل الدوليّين، ولا سيّما الأميركيّين، وما يترتّب عليه من نزاعات متكاثرة، آخرها ما تعيشه ناغورني قره باغ. هناك أيضاً احتمالات نزاعيّة خصبة وتزداد خصوبة بين تركيّا واليونان ومن ورائها الاتّحاد الأوروبيّ، كما بين الهند وباكستان... هذه كلّها وسواها تحمل على التساؤل حول الهيئة الجديدة التي ستستقرّ عليها المناطق المتنازع عليها، وبالتالي بلدانها. أكثر من ذلك، هناك بلدان شقّتها النزاعات والثورات والثورات المضادّة والاحتلالات بحيث لم يعد من السهل تقدير الشكل الذي سترسو عليه. يصحّ ذلك خصوصاً في ليبيا واليمن وسوريّا.
أمّا الهجرة التي انطلقت قبل الأزمات الأخيرة فهي بدورها لا تزال مثار غموض وتكهّن كثيرين؛ مدى اندماج الشبيبة المهاجرة. أيّة ثقافة، حدود الشعبويّة، خطر العنصريّة، إلخ...
ما لا شكّ فيه أنّ اكتشاف لقاح لـ«كوفيد» والانتخابات الرئاسيّة الوشيكة في الولايات المتّحدة هما المفتاحان الأهم للخروج من حالة التعليق والغموض الراهنة. لكنّ الأمور ليست من طبيعة سحريّة في النهاية، كما أنّ التحوّلات تبقى دائماً أبطأ من شوق انتظارها وتوقّعها، ولا سيّما حين يكون المنتظِر بائساً ويائساً وميّالاً إلى التعلّق بالسحر، كما هي حال أكثريّاتنا الساحقة اليوم.
الشيء الوحيد المؤكّد أنّ «الحالة الطبيعيّة» التي نهفو إلى العودة إليها، ليست ما سوف نعود إليه. الآتي سيكون شيئاً آخر نكتشف معه أنّه ما من شيء طبيعيّ في آخر المطاف، وأنّنا قد ننتهي في مواجهة حالة أخرى نسمّيها بعد حين «طبيعيّة» ونصدّق ذلك.  
jordantodayonline

GMT 00:33 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عن ردع إيران إقليمياً ودولياً

GMT 00:24 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لكنْ ماذا عن المسلمين أنفسهم؟

GMT 00:20 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

GMT 00:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع عالمي «إرهابي» بامتياز

GMT 00:04 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حرمان الأمومة... مرتين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن حياتنا المعلّقة والغامضة اليوم عن حياتنا المعلّقة والغامضة اليوم



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 18:27 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الدرهم الإماراتي مقابل اليورو الأحد

GMT 15:32 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

التقاط صور مميزة للكواكب من قمة "جبل حفيت

GMT 16:35 2018 الجمعة ,18 أيار / مايو

ملخص الحلقة الأولى من مسلسل " ليالي أوجيني"

GMT 01:30 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

سعر الريال السعودي مقابل دينار بحريني الجمعة

GMT 21:54 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

أمير كراره يتحدى عمرو دياب على "إنستغرام"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab