الملالي ومتلازمة تشاوشيسكو

الملالي ومتلازمة تشاوشيسكو

الملالي ومتلازمة تشاوشيسكو

 الالأردن اليوم -

الملالي ومتلازمة تشاوشيسكو

أمير طاهري

منذ أن وضعت المجتمعات البشرية أنظمة للحكم، اعتمدت ممارسة السلطة على عاملين: الإقناع والإكراه. هناك حاجة للإقناع لتشجيع الرعية، أو في المجتمعات المتقدمة، المواطنين، على فعل أشياء تريد الحكومة منهم أن يفعلوها. وعندما يفشل الإقناع، تكون هناك حاجة إلى الإكراه للحصول على النتائج المرجوة. تلجأ الحكومات أيضا إلى الإكراه للتعامل مع التهديدات التي يتعرض لها القانون والنظام. بوجه عام، عادة ما تعتمد الحكومات في المجتمعات الأكثر تقدما واستقرارا على الإقناع، ونادرا ما توظف الاحتكار النظري لمبدأ استخدام العنف كأداة سياسية. ومع ذلك، تتطلب سياسة الإقناع قدرا كبيرا من العمل الشاق. فعلى السياسي أن يستمع باستمرار إلى عامة الشعب دون أي تمييز. يخصص الكثير من الوقت للحملات الانتخابية عبر القيام بجولات حتمية لمعانقة الجدات وتقبيل الأطفال. إن سياسة الإقناع تساعد على تهيئة مناخ من الحرية والتي، بدورها، تعزز الأمن. وعندما يبقى الإكراه الأداة الرئيسية للحكومة، تكون هناك مساحة أقل للحرية والأمن على حد سواء. هذا ما يحدث في الجمهورية الإسلامية التي أنشأها الراحل آية الله الخميني. إن موجة الاعتقالات التي أطلقت ضد الصحافيين والأكاديميين والنشطاء الحقوقيين تثير شعورا غير مسبوق بانعدام الأمن. يقول عبد الله نوري، وهو ملا ووزير داخلية سابق وشغل أيضا منصب ممثل الإمام الخميني الخاص في الحرس الثوري الإسلامي الإيراني: «اليوم، لا أحد يشعر بالأمان». كان يتحدث نوري عن مداهمة منزلي اثنتين من بنات رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي ليلا. وتم احتجاز السيدتين لعدة أيام، بينما تم تفتيش منزليهما من قبل رجال الأمن بحثا عن «أدلة مناهضة للدولة». وغني عن القول إن موسوي وضع تحت الإقامة الجبرية على مدى العامين الماضيين، جنبا إلى جنب مع زوجته زهرة. يعلم نوري ما الذي يتحدث بشأنه. لقد أمضى خمسة أعوام في السجن بتهمة «تقويض الأمن القومي»؛ لأنه انتقد بعض جوانب سياسة الحكومة إبان التسعينات. لقد حاول النظام إسكات المنتقدين الفعليين أو المحتملين مستخدما انعدام الأمن كسلاح للترهيب. وقد اضطر الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني إلى عقد صفقة يتحدث بموجبها بشكل إيجابي عن «المرشد الأعلى» علي خامنئي. وفي المقابل، أُطلق سراح نجل رفسنجاني، مهدي، من السجن بكفالة انتظارا لمحاكمته بتهمة ممارسة أنشطة مناهضة للدولة. ولا تزال ابنة رفسنجاني، التي تدعى فايزة، في السجن على خلفية تهم مماثلة. وقد تم تكميم رئيس سابق آخر، هو محمد خاتمي، وهو ملا أيضا، من خلال سحب جواز سفره، ليصبح بمثابة رهينة داخل إيران. يمكن انعدام الأمن أن يؤثر على أي إنسان. لقد تعين على خامنئي إلغاء زيارتين على الصعيد الداخلي بعد تحذيرات من أنه قد يواجه حشودا غاضبة. ومن جهته أيضا تخلى الرئيس أحمدي نجاد عن الزيارة التي أُعلن عنها منذ فترة طويلة إلى المحافظات الجنوبية بسبب مخاوف مماثلة. يمكن القول إن الخوف ليس نظريا. ففي الشهر الماضي، كان على عدد من كبار رجال النظام إيقاف خطبهم عند مواجهتهم لحشد غاضب. وفي قم، تم نقل علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى الإيراني، بديل البرلمان، إلى بر الأمان من قبل حراسه خلال محاولة المتظاهرين منعه من إلقاء خطابه. وقد ألغى رئيس مجلس الشورى الإيراني السابق قبل لاريجاني، علي أكبر ناطق نوري، وهو ملا آخر، خطابه في مدينة مشهد بعد أن أبلغه حراسه بأنه يمكن أن يتعرض للأذى على أيدي المتظاهرين. وقد مر ملا ثالث، وهو حسن الخميني، حفيد مؤسس النظام الإيراني، بتجربة مماثلة، حيث لاذ بالفرار من حشد غاضب. وقعت كل تلك الحوادث خلال احتفال تقليدي مدته عشرة أيام بذكرى استيلاء الخميني على السلطة في عام 1979. ولكن من هم المتظاهرون الذين يحاولون تعكير صفو الاحتفالات الثورية؟ انطلاقا من أن الاحتجاجات قد نالت من أعضاء جميع الفصائل المتنافسة داخل النخبة الخمينية، يمكن للمرء أن يستنتج أن المستهدف كان النظام الإيراني ككل. ليس هناك شك في أن الانهيار الاقتصادي، ومشهد النزاع داخل النظام الخميني والمخاوف بشأن المستقبل، كلها عوامل قد ولدت قدرا كبيرا من الغضب في مختلف أنحاء البلاد. ومع ذلك، فمن المحتمل أيضا أن تكون تكتيكات الترهيب أجبرت كبار رجال النظام على الاختباء من عمل الفصائل المتناحرة. يزعم أصدقاء لاريجاني أن إذلاله في مدينة قم، باعتباره رئيس مجلس الشورى، عمل من أعمال فصيل أحمدي نجاد. يلقي أحمدي نجاد باللوم فيما يتعلق بقراره إلغاء القيام بزيارات للمقاطعات على مخطط لاريجاني بالثأر منه عن طريق إرسال غوغاء مأجورين لعرقلة الحشود المؤيدة له. بغض النظر عن ماهية الفصيل الذي ينتمون إليه، استطاع كبار أعضاء النخبة الخمينية خلق ما يمكن وصفه بمتلازمة تشاوشيسكو. كان نيكولاي تشاوشيسكو الشيوعي حاكما أبديا لرومانيا حتى عام 1989؛ حيث تمت الإطاحة به من منصبه ومن التاريخ على يد حشود غاضبة في بوخارست. وفي إحدى المفارقات التي يسجلها التاريخ، جاءت نهاية تشاوشيسكو بعد مضي ثمان وأربعين ساعة من عودته من زيارة إلى طهران كان قد اختتمها بإنجاز «شراكة استراتيجية» مع النظام الخميني. ونحن نعرف الآن أنه تم تنظيم تلك الحشود الغاضبة التي كشفت عن سوءة الإمبراطور بواسطة منافسي تشاوشيسكو داخل التسلسل الهرمي للحزب الشيوعي. لقد طمح هؤلاء المنافسون للإطاحة بالديكتاتور العجوز أملا في الاحتفاظ بالنظام لأنفسهم. وفي الآونة الأخيرة، شهدنا شكلا جديدا من المتلازمة ذاتها في ليبيا وتونس ومصر، حيث إن سلاح انعدام الأمن القديم، المستخدم لسنوات ضد النقاد والمعارضين، انقلب على الطغاة في الواقع. وفي نهاية هذا التحليل، يمكن القول إنه لا أحد آمن في نظام يعتمد على انعدام الأمن. بإمكان الحشود ذاتها التي أشادت بأحد الطغاة خلال مسيرته المظفرة الإطاحة به تحت وطأة الانتقام. نقلا عن جريدة الشرق الاوسط

jordantodayonline

GMT 00:33 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عن ردع إيران إقليمياً ودولياً

GMT 00:24 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لكنْ ماذا عن المسلمين أنفسهم؟

GMT 00:20 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

GMT 00:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع عالمي «إرهابي» بامتياز

GMT 00:04 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حرمان الأمومة... مرتين

GMT 00:38 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز اليوم في الانتخابات الأميركية الفيل أم الحمار..؟

GMT 18:23 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نكات وأقوال أغلبها عن النساء

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الملالي ومتلازمة تشاوشيسكو الملالي ومتلازمة تشاوشيسكو



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 12:24 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

"عقار جودة" وتسريب الأراضي الفلسطينية إلى المستوطنين

GMT 13:21 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

البريطاني هاميلتون على بعد خطوة من خطف لقب فورمولا1

GMT 03:51 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

نشطاء يدعون إلى تطعيم الأطفال ضد "HPV" القاتل

GMT 21:41 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

مخيتريان يؤكد أن آرسنال كان حلمه منذ الصغر

GMT 02:25 2016 الخميس ,29 كانون الأول / ديسمبر

تيفاني ترامب تقضي عطلة عيد الميلاد بدون صديقها

GMT 12:43 2014 الثلاثاء ,04 آذار/ مارس

إكسسورات الفضة تراث وفن تقليديّ يُميّز مراكش

GMT 15:20 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

هواوي تدفع ثمن "هوس" ترامب بالجيش الصيني

GMT 11:11 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف علي المساجد الأكبر والأجمل في القارة الأفريقية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab