إردوغان وأوهام خرائط الزمان

إردوغان وأوهام خرائط الزمان

إردوغان وأوهام خرائط الزمان

 الالأردن اليوم -

إردوغان وأوهام خرائط الزمان

بقلم - إميل أمين

على هامش الاحتفالات التركية بالانتصار على الإمبراطورية البيزنطية في «ملاذ كرد»، عام 1071، نشر متين جلونك، النائب السابق في حزب «العدالة والتنمية»، والمقرب من الأغا العثمانلي إردوغان، خريطة لما يعرف «وهماً»، بتركيا الكبرى، تعود إلى عصر السلاجقة، وتضم مساحات واسعة وشاسعة من شمال اليونان، جزر بحر إيجة الشرقية، نصف بلغاريا، قبرص، أرمينيا بأكملها، ومناطق شاسعة من جورجيا والعراق وسوريا.
ليس من قبيل المصادفة القدرية أو الموضوعية أن تنشر هذه الخريطة في توقيت مواكب لترويج الجيش التركي، ووزير دفاعه خلوصي اكار، لفكرة «الوطن الأزرق»، أي الهيمنة التركية، بالباطل لا بالحق، على مياه البحار الثلاثة، البحر الأسود، بحر إيجة، والبحر الأبيض المتوسط، الأمر الذي كرره إردوغان في خطابه خلال تلك المناسبة.
ماذا يعني المشهد المتقدم؟
الحقيقة نحن في حاجة إلى دراسة معمقة للجواب، لكن محاولة رصينة بغير اجتزاء، تخبرنا بأن الاستعانة بالخرائط التركية على هذا النحو، أمر يعكس نوايا السلطان المتوهم، ويكشف خائنة أعينه وحنايا صدره، تلك التي داراها وواراها طويلاً جداً، إلى أن انفجرت في زمن «الربيع العربي» المغشوش، وفيه خلعت أنقرة كافة البراقع، وأظهرت وجه الدولة العثمانية الظلامية، وسلكت الدروب العسكرية المسلحة، وخلف الرجل الإردوغاني من وراءه سياسة تصفير عداد المشكلات مع سياقه الإقليمي، ما يقطع بأننا أمام شخصية مرائية باقتدار.
أبدع من قدم رؤية حقيقية للخرائط وأهميتها، في النصف الثاني من القرن العشرين، كان رئيس فرنسا ومغوارها الجنرال شارل ديغول، الذي اعتبر أنه لا يمكن للمرء أن يقرأ السياسة من غير النظر على الخريطة، ذلك أن المعارك تجري على مواقعها، وخطوط الاستراتيجيات وخيوط التكتيكات تنسج وتمتد عبر مواضعها، والتخطيط لها موصول بالديموغرافيا، فيما التضاريس تضع بصمتها على الجغرافيا. حين نتحدث عن ديغول، فإننا نشير إلى رجل دولة من الطراز الأول، استطاع أن يدير ملفات مقاومة النازي، وتدبر شؤون المعارك، عبر مد بصره إلى ما حوله من مساقات إقليمية، وما وراءها من مسارات عالمية.
شتان الفارق بين من يقرأ الخرائط بعين القائد الـAggiornamenti، أي المعاصر والمواكب لزمانه، وبين من تعشش في تلابيب مخه أوهام الماضي الذي لا يعود. ولكن لماذا ينشر جلونك، هذه الخريطة في مثل هذا التوقيت؟

إنها الديماغوجية التي يتلاعب بها إردوغان ورفاقه بالأتراك ومصيرهم، بعد أن غرقت الدولة في نحو مائتي مليار دولار بين الديون وأكلاف خدمتها، ناهيك عن فضح بيوتات المال العالمية لأكاذيب غاز ونفط البحر الأسود، التي لم تنطل على الكثير من الأتراك.
يغازل إردوغان الأتراك بأحلام القومية المتدثرة في أثواب الإسلامويين، ولا يدرك هؤلاء أنه يتلاعب بهم، كما كان يتلاعب السلطان المعزول عبد الحميد بحبات مسبحته، وفي هذا الإطار يجمعهم من مشارق الأرض ومغاربها، ليخدموا رؤاه الإرهابية في تحويل أمن العالم وسلامه إلى قلق في النهار وأرق في الليل.
جلونك لم يكن بصورة أو بأخرى أميناً في عرض خرائط تركيا الكبرى، والتوقف تحديداً عند معركة «ملاذ كرد»، إذ تعمد أن يسقط من حساباته وهو يستحضر ماضي الانتصارات التركية، التوقف عند معركة «ليبانت» 1571، التي جرت وقائعها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) من ذلك العام، وفيها دمر الأوروبيون نحو 200 قطعة حربية عثمانية، وفاق عدد القتلى بين الأتراك الأربعين ألفاً وعشرة آلاف جريح.
إردوغان ليست له دالة على قراءة التاريخ، وتعوزه الحكمة في استقصاء قصص الزمان وأحاجي الإنسان، فقد كانت أخطاء الدولة العثمانية البائدة في نهاية القرن السابع عشر، بداية الانهيار الحقيقي لها، فمع ظهور «معاهدة ويستفاليا» عام 1648 تلك التي أنهت الخلافات والحروب الدينية بين الأوروبيين، تفرغ الجميع لمقارعتهم والانتصار عليهم.
إلام يسعى إردوغان عبر استنفار الروح الطورانية، ومن خلال استفزاز الجيران، لا سيما اليونان وقبرص؟
القارئ اللبيب يدرك أنَّه أمام مشهد هروب حتمي إردوغاني من فشل الداخل إلى الخارج، ومحاولة الاختباء وراء ساتر من الدخان الأسود الكثيف الذي تخلفه معاركه الدونكشوتية حتى الساعة، فيما الأوروبيون والشرق أوسطيون يستعدون بجدية تامة لتكرار ما هو أشد هولاً من «ليبانت»، الأمر الذي يجعل من خرائط تركيا الكبرى و«الوطن الأزرق» أثراً بعد عين.
رهانات إردوغان فاشلة حكماً، وهو يدرك أن ساكن البيت الأبيض إنما يحركه على رقعة الشطرنج الأممية إلى حين ينتهي دوره، هذا من الغرب، أما القيصر من الشرق فيقف خلف أرمينيا وجورجيا واليونان وقبرص دوغمائياً، وحين يجد الجد لن يجرؤ العثمانلي على إطلاق رصاصة واحدة على أي منها.
تبدو نهايات إردوغان على الأبواب، وتكاد أصوات العقوبات الاقتصادية الأوروبية القادمة تبث الرعب في نفوس جوقة الأغا، ولهذا يتوجب الانتباه لصرخة الطائر الذبيح.
jordantodayonline

GMT 00:33 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عن ردع إيران إقليمياً ودولياً

GMT 00:24 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لكنْ ماذا عن المسلمين أنفسهم؟

GMT 00:20 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

GMT 00:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع عالمي «إرهابي» بامتياز

GMT 00:04 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حرمان الأمومة... مرتين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إردوغان وأوهام خرائط الزمان إردوغان وأوهام خرائط الزمان



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 00:46 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

غادة إبراهيم تبتكر عروسة للكريسماس وتسميها "ماما نويل"

GMT 06:35 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

ابنة الجيران التي أخفى التجميل حسنها

GMT 19:55 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بريشة : علي خليل

GMT 14:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو عبد الجليل يكشف تفاصيل دوره في فيلم "كازابلانكا"

GMT 13:56 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عواد الحارس الأفضل في كأس الأمير محمد بن سلمان

GMT 10:03 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

سما المصري تخطف الأنظار خلال حفل شركة ماستر جروب

GMT 12:15 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

نادي الشباب يكشف عن إصابة لاعبه جمال بلعمري

GMT 05:12 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

ديكورات السجّاد المعلّق تُعزّز من روعة ديكور منزلك

GMT 15:13 2018 الثلاثاء ,03 إبريل / نيسان

كشف حقيقة واقعة العثور على جثة شخص في أوسيم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab