لبنان الفينيق لا يموت

لبنان... الفينيق لا يموت

لبنان... الفينيق لا يموت

 الالأردن اليوم -

لبنان الفينيق لا يموت

بقلم - إميل أمين

دون غيره من دول المنطقة ارتبط اسم لبنان وتاريخه وحضارته بطائر الفينيق الأسطوري، الذي سمعنا عنه، ولم يره أحد، بأجنحته الذهبية، وقدرته الخالدة على مقاومة الموت والنهوض من تحت الرماد.

والشاهد أنه إذا كان قدر لبنان الكثير من الحرائق، التي تراكم الرماد، فإن إرادة اللبنانيين، هي التي جعلت بلادهم موصولة بأسطورة الفينيق، من خلال مقاربة تجعل هذا الشعب الأبي الكريم عازماً على النهوض عادة، مندفعاً إلى الأمام دوماً، مدرك المستحيل مرة، وإلى الأبد.

مشهد «ست الدنيا بيروت»، مؤلم جداً، لقد أضحت بلغة المراثي جرحاً واحداً، من شعر رأسها إلى أخمص قدميها، وكأنها تحتضر، غير أنها ساعات ما قبل البعث اللبناني، وليضحى ما حدث في المرفأ نهاية درب الآلام، لشعب عانى كثيراً جداً في الأوقات الأخيرة بنوع خاص.

أثبتت الكارثة الأليمة الأخيرة أن لبنان «ليس وحيداً»، فمن مشارق الأرض إلى مغاربها، أبدى كل من لديه حس إنساني، مشاعر فياضة لاستنقاذ لبنان، الشعب والتاريخ، الأمة والحضارة، وليس الحكومة والميليشيات، وبقية الذين ذهبوا في طريق المحاصصات التي شطرت روح «بلد الأرز».

لماذا يبقى لبنان في القلب أبداً ودوماً؟
باختصار غير مخل، لأنه كان عبر عقود طوال رمزاً للحضارة العربية في طبعتها المنقحة والمصححة، بلد التجانس والتناغم، بين كافة الملل والنحل، الطوائف والأعراق، المنفتح مبكراً على أوروبا والمنافح والملاقح لثقافة الغرب، من دون إحساس بالدونية أو النقص.

صدّر لبنان للعالم العربي القومية العربية، بهدف استقلال العرب والخلاص من ربقة العثمانلي المحتل من جهة، وإنهاء أزمنة الانتداب الأوروبي من جهة ثانية.

عرف العالم بيروت المتألمة اليوم مثالاً للحداثة في خمسينات وستينات حتى أوائل سبعينات القرن العشرين، من غير أن يقتضي ذلك تخليها عن أصالتها وتراثها العروبي، فمثلت عن حق سويسرا الشرق، وحفرت بآدابها وفنونها، بمسارحها وجامعاتها أمكنة في قلوب العرب.

غطى الحريق لبنان ذات مرة ولمدة 15 سنة تشارع وتنازع فيها اللبنانيون، واكتشفوا في نهاية الأمر أن لا رابح من الحرب الأهلية سوى أعداء لبنان، حينئذ جاء اتفاق الطائف ليستنقذ اللبنانيين من وهدة الجحيم.

3 عقود تغيرت فيها الطباع، وتبدلت الأوضاع، والمحصلة تخبرنا بأن لبنان أضحى مخطوفاً من النزعات الراديكالية، والتحزبات الميليشياوية، ومن وراء الأفق تبدو قوى إقليمية لا تريد لأهله الخير، وتعمد من أجل إدراك صالحها ومصالحها، إلى تقديم لبنان واللبنانيين قرابين على مذابح المواجهات الجيو - استراتيجية الأممية الجديدة، وتصفية الحسابات الناجمة عن الفوضى الخلاقة في طبعتها القديمة.

ما جرى في مرفأ بيروت نقطة فاصلة، تستدعي أعلى درجات المساءلة عما حدث، وكيف حدث، وإلى أين يمكن أن تمضي مقادير اللبنانيين إذا استمر اللهو والعبث بأقدارهم على هذا النحو التراجيدي.

انفجار المرفأ، وأياً كانت أسبابه، هو عَرَض، أما المرض الحقيقي فيتمثل في كون لبنان ومن غير مواراة أو مداراة دولة منزوعة القرار، الأمر الذي جعل فكرة «الخير العام، والصالح العام»، تتراجع إلى الوراء، في حين تتقدمها الأغراض الاستعمارية المقنعة وراء جماعة حزبية، لا يهمها أن يهلك لبنان وأهله، لأنها امتداد للتفكير الأحادي الدوغمائي القاتل، ذاك الذي يرفض الاعتراف بطرح الأرض والمواطنة، ويسعى في سياق تغليب الأممية المغشوشة.

في هذه الأجواء الاستلابية من كل قيمة وطنية تضحى البيروقراطية هي السيد، والمحسوبية وعدم الكفاءة هي معيار التوظيف، والتحالفات الماورائية البعيدة عن أعين الشعب هي الغالبة.

السؤال الحيوي في هذه السطور؛ هل لبنان قادر على مداواة جروحه بنفسه؟
أغلب الظن أن هناك حتمية تاريخية من المكاشفة والمصارحة، تقتضي القول إن لبنان بات يعاني من فراغ استراتيجي هائل ومريع لا يخفى على أحد، ومعه أصبحت القوى اللبنانية السياسية التقليدية، خارج إطار الفاعلية، فقد تجاوزتها الأحداث نهار الثلاثاء الدامي، عطفاً على أن هناك استحقاقاً أكثر خطورة قادماً على الطريق، والخاص بإعلان المحكمة الدولية الخاصة بالرئيس المغدور رفيق الحريري؛ حيث 4 أسماء من دائرة «حزب الله» تنتظر حكماً يدرك الجميع كيف ستكون ردات الفعل من ورائه، واحتمالات انتشار اللبنانيين على الطرقات بصورة غير مسبوقة هذه المرة، سعياً للخلاص من احتلال لبناني داخلي يعتاش على أسنة الرماح.

لبنان في حاجة ماسة وسريعة لإعادة بناء، سياسي هيراركي، بقدر ما هو في عوز لاستنقاذ حياته اليومية، في ظل مئات الآلاف من المتشردين على الطرقات، ما يدمي القلوب قولاً وفعلاً.
الاحتياج الأخير حكماً يمكن توفير متطلباته من خلال تحركات المجتمع الدولي من جهة، والواجب العربي من جهة أخرى نحو الأشقاء.

عقدة المشهد هنا في مد يد العون سياسياً وأممياً للبنان، قبل أن ينحدر في طريق الانتحار الجماعي الذي يلوح في الأفق، بعد أن يضمد اللبنانيون جراح المرفأ.

اليوم التالي للانفجار بالمدى الزمني المجازي سيكون رهيباً، بل ربما سيستخدم من قبل القوى الإقليمية ككعب أخيل لإنهاء سيادة لبنان، ثم الدخول في معارك أبعد من المدى الجغرافي للبنان.

التنادي العروبي فرض عين لإنقاذ لبنان، مهما تكن الصيغة، والدعم الدولي لمشروع إعادة ترتيب البيت اللبناني مهمة لا بد منها إن أراد الجميع تجنب انفجارات ستطال الكل شرقاً وغرباً عما قريب.
نعم «لبنان... الفينيق لا يموت»، لكنه في هذه الأوقات يكابد سكرات مريرة من موات متعدد الأشكال والأعراض، ويحتاج لأصحاب النوايا الطيبة والطوايا الجيدة لبعثه من جديد

jordantodayonline

GMT 00:33 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عن ردع إيران إقليمياً ودولياً

GMT 00:24 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لكنْ ماذا عن المسلمين أنفسهم؟

GMT 00:20 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

GMT 00:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع عالمي «إرهابي» بامتياز

GMT 00:04 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حرمان الأمومة... مرتين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان الفينيق لا يموت لبنان الفينيق لا يموت



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 22:55 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة إعداد حلوى "تشيز كيك اللوتس" الشهية

GMT 15:31 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

الأرض تشهد اقتراب كويكب ضخم يصنّف كـ"خطر محتمل"

GMT 11:43 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"أولارو" أفضل المنتجعات الأفريقية لقضاء رحلة سفاري ممتعة

GMT 00:27 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

الأصفر الخردلي يتربع على عرش موضة شتاء 2018

GMT 16:54 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

المغربي أحمد الريسوني يخلف يوسف القرضاوي

GMT 01:14 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

محمد رمضان يؤكّد أن خلافه مع ريهام سعيد انتهى

GMT 10:23 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

"دور المزادات اللندنية" تبرز أرقى الفنون الإسلامية في معرضها

GMT 06:36 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

خطوات بسيطة تمكّنك من تحويل الأثاث القديم إلى "مودرن"

GMT 12:55 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

ظهور مميز للعرب في الدوري الفرنسي لكرة اليد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab