انتفاضة أكتوبر وسلاح الحرب النفسية

انتفاضة أكتوبر وسلاح الحرب النفسية

انتفاضة أكتوبر وسلاح الحرب النفسية

 الالأردن اليوم -

انتفاضة أكتوبر وسلاح الحرب النفسية

د. ماجد السامرائي
د. ماجد السامرائي

السلمية التي تتمتع بها انتفاضة أكتوبر تشكل أهم نقطة قوّة في مواجهة سلطات القتل والاختطاف، وهي الصفة التي ستضاعف مستويات التأييد العالمي، وتضع القتلة في مواقف لا يحسدون عليها.

أصبحت سلطة الأحزاب على يقين بأن انتفاضة أكتوبر قد تجاوزت وأجهضت جميع محاولات تفكيكها وسحقها خصوصا بعد إنجازها الثوري بإسقاط رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي الذي لم يتجرأ أو لم يرغب في الاستسلام لإرادة الثوار، كاشفا زيف إدعاءاته النظرية بانتمائه إلى الخط الثوري رغم التقلبات المعروفة عنه بين اليساري المتطرف والإسلامي الموالي لإيران.

هذا الانتصار الأولي وفق قوانين الثورة يمكن إن لم تتوفر معه عناصر الصمود والتواصل أن يؤدي إلى تراجع يؤذي الانتفاضة وشبابها، ويرجح كفة الصراع والمعركة لصالح الأحزاب التي تتفنن في أساليب التشويه عبر وسائل الإعلام المحلية الحزبية والإيرانية ومواقع التواصل الاجتماعي والجيوش الإلكترونية التي توحي، مخادعة، بأنها مع مطالب المعتصمين الثوار، بل وصل الأمر إلى أن قادة ميليشيات مسلحة متهمين بقتل الشباب واختطافهم يعلنون دعمهم للانتفاضة.

وفي كلا الخيارين سواء في تنصيب رئيس وزراء جديد تلبية لرغبة الشعب أو أن يكون على ذات سياقات المصالح الحزبية مع تعديلات شكلية، فستكون المرحلة التي تليها حساسة وخطيرة في مدى قدرة الانتفاضة الشعبية على الانتقال للصفحات التالية من المعركة السياسية بين الشعب ونظام الحكم القائم الذي أصبح على هامش التاريخ وهي دون شك معركة طويلة.

احتمال أن يكون خيار رئيس الوزراء الجديد غير معبر عن رغبات المنتفضين سيجعل الرفض مقدمة لتداعيات متواصلة على مسرح السلطة وليس الجمهور المنتفض، لكن ذلك سيعقد الأزمة ويكشف إلى أي مدى وصلت إليه الأحزاب من استماتة وتشبث بالسلطة. أما إذا تحقق الحد الأدنى من الرضا حوله، فإن العقدة الأكبر ستكون في مدى قدرته على إدارة الفترة الانتقالية المطلوبة في تشريع قانون انتخابي يفك عن الأحزاب قدراتها التحكمية، ويبقى صمود الثوار هو الكفيل بتركيع الأحزاب لمشيئة الشعب.

من وسائل الحرب النفسية ضد المنتفضين التي لم تنجح لحد اللحظة استهداف قدراتهم السياسية ووحدتهم التنظيمية وتصويرهم كمجاميع شبابية مشتتة، قسم منهم ذوو ولاءات خارجية أو خاضعون لتعليمات بعض السفارات، في حين أن الواقع يشير إلى أن فتية العراق الثائر لا تتجاوز أعمارهم السن الذي يبيح مثل هذه الارتباطات المشبوهة التي هي ثوب السياسيين والميليشيات المسلحة.

بعض مفاصل الحرب النفسية يساهم فيها مثقفون وإعلاميون عراقيون بعضها دون قصد سيء، يحاولون من خلالها تقديم نصائح سياسية انطلاقا من تجاربهم الذاتية والحزبية الأيديولوجية القديمة التي لا تستوعب ما أحدثته ثورة الاتصالات والمعلومات من تغيير في الرؤى السياسية والحلول السريعة للتغيير. كما أن من يعطي الدم رخيصا من أجل الوطن لا يمكن لأي سياسي أن يفرض عليه نصائح بعضها ملغوم من جهات مشبوهة.

مع ذلك وفي ظل معطيات المعركة الحالية لا بد من أن يصاحب عطاء الدم العراقي لساحات الاعتصام قيام هيئة أو لجنة تنسيقية تدير الفعاليات السياسية والحوار مع السلطة وتمتلك مخططا متفقا عليه، وقد تكون قيادات بعض النقابات المهنية والشعبية ذات الولاء للمعتصمين مؤهلة لمثل هذا الدور بعد موافقة المنتفضين. تستطيع هذه الهيئة إنهاء حملة التشكيك بافتقاد الانتفاضة من الرؤية السياسية الموحدة، وتطرح برنامجا سياسيا وإعلاميا يدير المعركة بتفصيلاتها، قادرا على مواجهة الحرب النفسية للخصوم وفضحهم بالحقائق الدامغة بهويتهم الحقيقية، وعدم انتمائهم للوطن وارتهانهم لإيران وبفسادهم وبقتلهم لأبناء الشعب، وإنهم لا يمتلكون شرعية الاستمرار بالحكم بعد هذه المظاهرات المليونية في وسط وجنوب العراق.

هناك جانب لوجستي مهم يواجهه المعتصمون في ساحاتهم وهو اختراق المندسين من جهات تابعة لميليشيات أو أحزاب تمارس أشكالا متعددة من الإشاعات التخريبية، وبعضها قد يصل إلى إثارة النزاعات بين المنتفضين، والأخطر من ذلك هو توصيل أسماء أبرز الناشطين في الساحات إلى منظمات القتل خارجها ما يسهل مراقبة وملاحقة هؤلاء الشباب وتتم تصفيتهم، ولا شك أن المنتفضين قد انتبهوا إلى هذه المخاطر من خلال تشكيل اللجان الأمنية ذات القدرات الجيدة في كشف أولئك المندسين وطردهم من الساحات.

إن السلمية التي تتمتع بها انتفاضة أكتوبر، بقدر ما تحمل نقاط الضعف الخاصة بالحصانة الأمنية وتعريض بعض ناشطيها للموت، فإنها تشكل أهم نقطة قوّة في مواجهة سلطات القتل والاختطاف، وهي الصفة التي ستضاعف مستويات التأييد العالمي، وتضع القتلة في مواقف لا يحسدون عليها.

 

jordantodayonline

GMT 04:56 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

العبور إلى النصر على جسر الموسيقى

GMT 13:10 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

من شعراء الأندلس - ٢

GMT 04:08 2020 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

زهد موريتانيا ومنظومة الأمونيوم اللبنانية

GMT 03:07 2020 السبت ,22 آب / أغسطس

بري والحريري لن يتركا لبنان ينهار

GMT 10:31 2020 السبت ,15 آب / أغسطس

نصرالله يدافع عن سقوط حكومته

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتفاضة أكتوبر وسلاح الحرب النفسية انتفاضة أكتوبر وسلاح الحرب النفسية



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 18:30 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال بقوة 3.9 درجة يضرب سواحل محافظة المهدية التونسية

GMT 22:33 2020 الخميس ,14 أيار / مايو

أوروبا تعلن موعد إنتاج علاج لفيروس "كورونا"

GMT 03:56 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مجموعة من أفضل وأرخص وجهات السفر في يناير 2020

GMT 22:11 2019 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

جلابيات موضة شتاء 2020 بخامات ناعمة لإطلالة النهار

GMT 09:40 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

محمد سعد يواصل السقوط ونُقَّاد يكشفون السبب

GMT 13:42 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

"تريزيجيه" يتحدى كريم حافظ فى قمة الدوري التركي

GMT 11:21 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مكانة جيرارد بيكيه تغري مدافع فريق" برشلونة"

GMT 16:54 2018 السبت ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تطلق نماذج جديدة من سيارات نيسان

GMT 08:24 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

قضايا مهمة قد تناولها التلفزيون مساء الخميس

GMT 00:28 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أسعارعملات الدول العربية مقابل الدولار الأميركي السبت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab