السيناريو الألماني

السيناريو الألماني

السيناريو الألماني

 الالأردن اليوم -

السيناريو الألماني

بقلم - سوسن الأبطح

التدابير التي تتخذها وزارات التربية، على أعتاب عام دراسي جديد، على أهميتها، لا تزال أضعف من أن تطفئ القلق الساكن في النفوس، والحيرة مما ستحمله الشهور المقبلة. صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية الشهيرة المعروفة بكاريكاتيرها المسيء، نشرت رسماً متحركاً لتلميذين يقفزان فرحاً، وهما متوجهان إلى المدرسة، يحملان على ظهريهما شنطتين، سرعان ما تتحولان إلى تابوتين كبيرين، مع عبارة «هل سيكملان العام»؟ سؤال لا بد يعود حاداً بعد أن سبقت ألمانيا الجميع إلى فتح صفوفها، واستقبال أطفالها. ألمانيا، التي صارت في أوروبا نموذجاً للنجاح في محاربة الوباء، والتغلب عليه بأقل عدد من الضحايا، وأصغر قدر من الخسائر الاقتصادية، تعيد إغلاق بعض من مدارسها بعد أيام قليلة على انطلاقتها. العيون تشخص إلى هناك. فكيف لدول أقل كفاءة من ألمانيا أن تنجح فيما أخفقت فيه بلاد الدقة والإتقان والاحتواء. كان الصيف تحضيراً قاسياً، ورسماً لخرائط العودة الآمنة، التي التزمت الأقنعة والتهوية المستمرة، والتعقيم والتباعد، لكن بعد أيام من التدريس، جاءت النتائج صادمة. أرسلت 4 مؤسسات تعليمية جميع طلابها إلى منازلهم، وخضع 30 مدرسة أخرى لإغلاق جزئي، وأصيب نحو 30 مدرساً وما يقارب 400 طالب بالفيروس. أضف إلى ذلك 350 معلماً على الأقل وما يناهز 6 آلاف طالب هم اليوم في الحجْر الصحي، يمنعون من مغادرة مساكنهم. علماً بأن ألمانيا لا تزال تسجل عدداً من الإصابات قليلاً، إذا ما قورن بفرنسا أو إيطاليا وإسبانيا. دول تستعد لعودة أصحاب الإجازات إلى أعمالهم، وانتقال للمواطنين من مناطق إلى أخرى، وتحبس الأنفاس، أمام تهديد الموجة الثانية التي يعتقد أنها لن تكون أقل شراسة من الأولى.
العينة الألمانية ترسم غيوماً سوداء داكنة، لا يريد أن يراها بهذه القتامة وزراء التربية والصحة في غالبية دول العالم، وهم يعدون مواطنيهم بإجراءات احترازية ستقهر الوباء، ويطمئنون إلى أن الأقنعة الواقية والمسافات الآمنة، وتقليل عدد الطلاب في الصفوف، والنظافة، كلها أمور ستجعل العام الدراسي الجديد، مختلفاً عن الغابر السيئ الذكر.
من غير المفهوم كيف تم التراجع بهذه السرعة، عن نظرية أن الأولاد هم المسؤولون بشكل أساسي عن نقل الوباء بسبب أعراضهم الصامتة، إلى التسليم من دون دليل علمي واضح، بأن الصغار لا يشكلون خطراً كبيراً، لأن من لا تظهر عليه أعراض المرض لا ينقله إلا لماماً. ويخشى بعد التجربة الألمانية، أن يكون ما نسمعه مجرد اجتهادات خنفشارية، فيها كثير من النفاق، بعد أن تبين عجز البشرية، وضعفها، وقلة حيلتها، أمام الأوبئة، وقسوة الإنسان على أخيه الإنسان.
لم يسبق أن رأينا في أعمارنا، عاماً دراسياً، يدشن بهذا القدر من الغموض والتجريبية. ملايين التلامذة حول العالم سيحملون شنطهم بدءاً من مطلع سبتمبر (أيلول) ويسيرون بها صوب صفوف لا أحد يعلم كيف سيتجول «كورونا» في أنحائها، ولا كيف سيتغلب الأساتذة على محنة إبعاد الأطفال بعضهم عن بعض، ومنعهم من تقاسم الحلوى، أو تبادل الألعاب، واستعارة الممحاة والمبراة، وقضم القلم للتفكير في حل مسألة حسابية.
يتساوى البشر في المحنة، وتتباين القدرة على مواجهتها، غير أنك بقليل من البحث تتأكد أن الصيف غدر بمن ظنوه قاتلاً لـ«كورونا»، وها هو الخريف يداهم الجميع، وهم لا يزالون عراة أمام الجائحة.
6 لقاحات قيد التجريب والترويج والمبارزة السياسية، لا حلّ في الأفق. منذ فبراير (شباط) الماضي لا سلاح لنا غير هذا القناع الخانق. غاية ما يتم العمل عليه اليوم، هو إيجاد فحوصات سهلة وسريعة، يتمكن من خلالها الفرد معرفة إصابته وعزل نفسه قبل أن يجني على الآخرين. لكن هذا قد يجعل الوباء أخبث لأنه لن يعطي بالضرورة النتائج الصحيحة بنسب كافية. كل الوسائل مباحة؛ من الكلاب المدربة على كشف الفيروس، إلى حبس كبار السن في المنازل، وصولاً إلى التضحية بعدد كبير من الأرواح لإنقاذ الاقتصادات المتهالكة.
بعض الدول العربية أخرت البدء بالعام الدراسي، ربما بانتظار غودو، أو لتوفير التجربة الوطنية بمراقبة ما سيحدث في مواطن أخرى، والإفادة المجانية من محاولات تكلف غالياً. وبين من استسلم للتعليم عن بُعد من دون الدخول في المجازفة، ومن قرّر تجاهل الجائحة والمضي في فتح الصفوف، ثمة من قرر انتهاج الطريقتين معاً. وفي كل الحالات يُرجى ألا يكون العام الدراسي المقبل أصعب من سابقه. وكل ما يملكه المسؤولون اليوم هو الاعتراف بأنهم يتعاملون مع الفيروس المحير، يوماً بيوم، ولا يملكون للبلاء الجديد دفعاً. هذا في أفضل الدول وأكثرها تقدماً. أما لو يممت وجهك شطر دول قهرها الزمن وجار عليها الدهر، مثل لبنان، فستجد نفسك في متاهة. فقد جنى الانفجار على مدارس يصل عدد طلابها إلى 80 ألف تلميذ، وهؤلاء يحتاجون سقفاً ليتعلموا. أما الباقون فالتعليم عن بُعد لن يرحمهم بسبب شحّ الكهرباء وغلاء الإنترنت. أما التعليم التقليدي في بلاد الأرز، فهذا أيضاً دونه عقبات، لأن الكتاب المدرسي الورقي نفسه ليس متوفراً بعد لهذه السنة، بسبب غلاء الأسعار وندرة الدولار، وقد يرتفع سعره 10 أضعاف.
بقليل من التأمل، يمكنك حقاً أن تعتبر أن «كورونا» ليس نهاية العالم، وثمة ما هو أفظع وأشنع.

jordantodayonline

GMT 00:33 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عن ردع إيران إقليمياً ودولياً

GMT 00:24 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لكنْ ماذا عن المسلمين أنفسهم؟

GMT 00:20 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

GMT 00:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع عالمي «إرهابي» بامتياز

GMT 00:04 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حرمان الأمومة... مرتين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السيناريو الألماني السيناريو الألماني



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 03:19 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

قصات شعر قصيرة مناسبة ليوم صيفي حار ورطب

GMT 01:06 2019 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ياسمين صبري تعلن مشاركتها بمسلسل رومانسي في رمضان 2020

GMT 21:58 2019 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

مجلس جهة الدار البيضاء يمنح الوداد المغربي مبلغ مالي ضخم

GMT 12:11 2019 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

عبد الرازق حمدالله يعيد فتح حسابه في "تويتر"

GMT 23:30 2019 الأحد ,21 إبريل / نيسان

أفكار ديكور جلسات خارجية مميزة وراقية

GMT 13:12 2019 الجمعة ,08 آذار/ مارس

أمطار متفرقة على منطقة جازان الجمعه

GMT 08:59 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

إليك أفضل تصاميم أرضيات غرف النوم العصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab