مع المملكة سياسات التحول الشامل وقيادة الاجتماع العربي

مع المملكة: سياسات التحول الشامل وقيادة الاجتماع العربي

مع المملكة: سياسات التحول الشامل وقيادة الاجتماع العربي

 الالأردن اليوم -

مع المملكة سياسات التحول الشامل وقيادة الاجتماع العربي

رضوان السيد
بقلم - رضوان السيد

بذلت قيادة المملكة العربية السعودية جهوداً جبارة لكي تنعقد القمة الخليجية بكامل أعضائها. وكان الأمل والعمل أن يؤدي ذلك الجهد المدفوع بطموحات المصالح الخليجية والعربية المشتركة إلى انفراج كبيرٍ في العلاقات الخليجية - الخليجية، والخليجية - العربية. وما تحقق المأمول كله، لكنّ المسار الصحيح تحدّد، ولن يتوقف تسارُعُهُ ولا أولوياته أياً تكن المشكلات والانسدادات والحوائل.
هناك حالة الاستقطاب والاستنزاف من حول العرب وفي قلب دولهم وبلدانهم، وهي حالة استمرت طويلاً، وأدت إلى ثورانٍ شعبي في العراق ولبنان أخيراً. وقد تنسّمت المملكة ودولة الإمارات نسائم هذا النهوض الجديد في السودان من قبل فسارعتا إلى ملاقاة تلك الإرادة الجامعة لاستعادة العافية إلى جسد ذلك البلد الكبير. وما كان ذلك ليحدث بهذه السلاسة، لولا أنّ المملكة والإمارات كانتا قد سارعتا أيضاً إلى استقبال التغيير الإيجابي في دول القرن الأفريقي من حول السودان، وأقصد إثيوبيا وإريتريا. وهو الأمر الذي سينعكس إيجاباً وبالجهد والعمل والتعاون بالنسبة لمصر أيضاً، في قضية سدّ النهضة وما وراءها من اهتماماتٍ في العلاقات العربية - العربية، والعربية - الأفريقية.
إنّ قضايا بل ومآسي الاستقطاب والاستنزاف والتي تستشري في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا، وتؤثر في استقلالية ومناعة دولٍ عربية أُخرى، ناجمة بالدرجة الأولى عن الضعف الطويل الأمد في الكيانات الوطنية في تلك البلدان، ومصير إيران وتركيا إلى استغلال هذا الضعف، والتدخل فيها بالاختراقات، ونشر الميليشيات، وتهديد الوحدة المجتمعية، وتخريب عيش الناس. وبذلك أُضيفت مشكلاتٌ كبرى إلى المشكلة الأقدم والأكبر والمتمثلة في الاستعمار الصهيوني لفلسطين. وهكذا تكون علينا خصوماتٌ مع الدول الثلاث على تخوم المنطقة العربية وبداخلها. ولا سبب لذلك غير نقص المناعة، وعدم المكافحة منذ المرحلة الأول للمرض!
في خمسينات القرن العشرين، كان هناك محوران يتقاسمان النفوذ في بلدان المشرق العربي: المحور المصري - السعودي، والمحور الهاشمي. كلا المحورين كان عربياً، لكنّ الهاشميين استعانوا بحلف السنتو للصمود في وجه المحور الآخر. أما اليوم؛ فإنّ الأمر بلغ من السوء بحيث إنه صار هناك محوران يعملان في التخريب الداخلي وكلاهما ليس عربياً: المحور الإيراني الذي يسمي نفسه محور المقاومة، والمحور التركي وله عنوانان: عنوان الإسلام السياسي، وعنوان مصارعة القومية الكردية في سوريا والعراق، لكي لا تُطِلَّ برأسها من جديد في تركيا، وبداخلها أكثر من عشرة ملايين كردي. والوضع في سوريا معقد جداً لوجود الروس والأميركيين والإيرانيين والأتراك على أرضها. أما في العراق ولبنان؛ فقد حدثت ثورتان شبابيتان ضد السلطات المحلية التابعة للمحور الإيراني. ومع أنّ المملكة ما تدخلت في البلدين، باعتبارهما وضعين داخليين، لكنّ مساعيها لجمع الصف الخليجي، وراءها الهمّ في إبعاد النفوذَين الإيراني والتركي عن جوارها القريب وعن اليمن. ولا شكّ أنها والدول الخليجية والعربية الأُخرى ستجد الوسائل الملائمة لتقوية مناعة البلدان الثلاث: العراق ولبنان، واستطراداً سوريا، في وجه الاختراقات الإيرانية والتركية القاتلة. وهذا معنى تصريح وزير الخارجية السعودي أن المملكة حريصة على الاستقرار في لبنان، ولن تترك هذا البلد عرضة للمشكلات والعواصف.
يقول علماء مقاصد الشريعة، إنّ أول مقاصد الشريعة أو ضرورياتها هو حفظ النفس، ويأتي بعد ذلك وتابع له أو مترتب عليه: حفظ العقل والدين والنسْل والمِلْك، والمقصود بهذه الأولوية الأُولى حفظ النفس الفردية والجماعية بالطبع، أو لم يردْ في القرآن الكريم: ولكم في القصاص حياة؟ ولذلك فإنّ استراتيجية قيادة المملكة إنما هي حفظ المملكة والجزيرة والعرب، وحماية الحرمين وتأمين حرية المجيء إليهما للعبادة. ولأنّ حصن المناعة الشاهق هذا والطامح لنشر الاستقرار في العالم العربي، مقاصدهُ وسياساتُه ظاهرة للعيان؛ فإن السلطات الإيرانية والتركية هي الأكثر هجوماً عليه، باعتباره التهديد الأكبر لاختراقاتها وتخريبها في بلداننا!
إنّ هذا الطموح السعودي الكبير لاستعادة الاستقرار والاجتماع في العالم العربي، ما كانت الآمالُ في تحققه ستتعاظم لولا سياسات التحول الشامل (رؤية المملكة 2030) وعلى كل المستويات. وأعني بذلك الحياة الاقتصادية والحياة الاجتماعية، وتمكين المرأة والشباب، وصنع ملايين فرص العمل، والدخول في نهضة عمرانية وثقافية هائلة، وتقوية القدرات العسكرية، والصناعات العسكرية، والدخول في الثورات التكنولوجية، وعصر وسائل الاتصال والذكاء الصناعي، وها هم السعوديون يقودون الاجتماع القادم لدول العشرين، في الوقت الذي يُسقطون فيه مقولة القداسة عن «أرامكو» رمزاً للخروج من الإدمان على النفط، والاقتصاد الريعي.
إنّ الشابّ السعودي المتدرّب والذي ارتكب جريمته في الولايات المتحدة بعد وصوله إلى القاعدة العسكرية الأميركية بيومين؛ ما كان ينتقم من الغرب وحضارته شأن أهل التطرف العنيف وحسْب؛ بل كان ينتقم بالدرجة الأُولى من السياسات الدينية الجديدة بالمملكة، والتي يكرهها المتشددون، وهي القائمة على مقولتي الدين الوسط والأمة الوسط في القرآن الكريم، وعلى الحوار والاعتدال والتسامح والتعارف، ووثيقة مكة المكرمة، والتي تقول إننا لا نريد أن نخيف العالم ولا أن نخاف منه، وإنما نريد أن نكون جزءاً من سلامه وتقدمه وأمنه وصنع الخير والمعروف فيه.
قبل ثلاثة أيام حصل الدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي على جائزة الحسن بن علي بن أبي طالب من منتدى تعزيز السلم بأبوظبي، لإنجازات المؤسسة التي يرأسها (رابطة العالم الإسلامي) في مجالات التسامح والسلام بين الأديان، ومكافحة التطرف والإرهاب، وعقد الشراكات مع المؤسسات الدينية والإنسانية العالمية. وما كان ذلك كلّه لأنّ السياسات الدينية بالمملكة ما كانت على هذا النحو الوسطي؛ بل لأنها جاءت باعتبارها مبادرة ضمن اتجاهات التحول الشامل بالمملكة وحملت طموحاً بل طموحين: طموح التجديد والإصلاح، وطموح الدخول في مسار سردية جديدة للإسلام تستعيد السكينة في الدين، وتحبط انشقاقات جماعات الإسلام السياسي، و«داعشيات» الخلافة. إنها أشواق الإسلام والمسلمين إلى العالمية، وهي تظهر في تحولات (رؤية المملكة 2030)، وتحولات الخطاب الديني.
تقود المملكة تحولاً شاملاً على كل المستويات بالداخل، كما تقود وفي السياق والمسار ذاته مبادراتٍ لتجاوُز الضعف العربي، والانقسام العربي، واستعادة الاستقرار ومن ورائه المناعة والنهوض في الدول والمجتمعات العربية.

 

jordantodayonline

GMT 04:56 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

العبور إلى النصر على جسر الموسيقى

GMT 13:10 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

من شعراء الأندلس - ٢

GMT 04:08 2020 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

زهد موريتانيا ومنظومة الأمونيوم اللبنانية

GMT 03:07 2020 السبت ,22 آب / أغسطس

بري والحريري لن يتركا لبنان ينهار

GMT 10:31 2020 السبت ,15 آب / أغسطس

نصرالله يدافع عن سقوط حكومته

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع المملكة سياسات التحول الشامل وقيادة الاجتماع العربي مع المملكة سياسات التحول الشامل وقيادة الاجتماع العربي



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 22:55 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة إعداد حلوى "تشيز كيك اللوتس" الشهية

GMT 15:31 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

الأرض تشهد اقتراب كويكب ضخم يصنّف كـ"خطر محتمل"

GMT 11:43 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"أولارو" أفضل المنتجعات الأفريقية لقضاء رحلة سفاري ممتعة

GMT 00:27 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

الأصفر الخردلي يتربع على عرش موضة شتاء 2018

GMT 16:54 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

المغربي أحمد الريسوني يخلف يوسف القرضاوي

GMT 01:14 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

محمد رمضان يؤكّد أن خلافه مع ريهام سعيد انتهى

GMT 10:23 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

"دور المزادات اللندنية" تبرز أرقى الفنون الإسلامية في معرضها

GMT 06:36 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

خطوات بسيطة تمكّنك من تحويل الأثاث القديم إلى "مودرن"

GMT 12:55 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

ظهور مميز للعرب في الدوري الفرنسي لكرة اليد

GMT 19:32 2018 الجمعة ,27 تموز / يوليو

يورجن زوب يبلغ نصف نهائي بطولة جشتاد للتنس

GMT 11:39 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

موريتانيا تقطع الإنترنت بسبب امتحانات الثانوية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab