طريقان إلى فظاعة واحدة

طريقان إلى فظاعة واحدة

طريقان إلى فظاعة واحدة

 الالأردن اليوم -

طريقان إلى فظاعة واحدة

سمير عطاالله
بقلم - سمير عطاالله

ينطبق وصف إبراهيم العويساوي على ملايين الشباب في العالم العربي والإسلامي وسائر الأرض: أسرة فقيره وفشل في الدراسة وبطالة وإدمانات، وما يرافق مثل هذه الحالات من مسالك الحياة. الإسلام يساعد هؤلاء البؤساء على تحمل هذا الأسى والصبر عليه والسعي في سبيل حياة أفضل، الذي جعل العويساوي يسافر من إيطاليا إلى فرنسا ويغير ثيابه في محطة القطار، ويستحم ويذهب إلى الكنيسة القريبة لكي يذبح أول من يطالعه فيها، ليس الإسلام. فالذين ذبحهم فقراء مثله وبينهم أم أفريقية تعمل شغالة في الكنيسة.
لو كان كل بائس سيلجأ إلى خيار العويساوي لما بقي على الأرض أحد. لكن الذين يستغلون الضلال في ضعاف النفوس والعقائد والأحزاب، يبحثون عن أمثاله في المستنقعات الخصبة للساعات المحددة. إذا كان العويساوي - ومن خلفه – يريد الانتقام من الإساءة للرسول، فقد أساء بهذا العمل إلى الرسالة برمتها، وعنوانها الرحمة والغفران.
أساء العويساوي إساءة كبرى إلى ما كان يمكن أن يتحول إلى جدل (بالتي هي أحسن) مع المشروع الذي طرحه إيمانويل ماكرون على مواطنيه، بينهم ستة ملايين مسلم، أكثريتهم الساحقة خارج دعوات التطرف وتنظيماته وثقافة دهس الأبرياء بالشاحنات، أو حز أعناقهم في الطرقات.
أيقظ رسم كاريكاتوري تافه حرباً حول مسألتين أهم بكثير من الرسم والرسامين: الأولى حرية الإيمان، والثانية الحرية المدنية. وكلتاهما لا تتركان للغلو، هنا أو هناك، ولا لبطولة رسام أرعن أشعل منذ سنين حريقاً لا يزال يتوسع. فالحرية في فرنسا تستطيع أن تعيش من دون السماح بنشر وإعادة نشر ما هو تحدٍّ للمبادئ والبديهيات العامة في كل مكان، والإسلام لا يثأر له شاب طلب العِلم فعلموه ذبح العجائز وهم يبتهلون إلى الله.
يعيش العالم كله في اضطراب وخوف وتوتر وقلق ويأس. ويزيد في هشاشته في مثل هذه الحال الذين يشدون الأوتار ليلعبوا عليها ألحان الشر. وربما لم ينتبه رجب طيب إردوغان يوم الجمعة الماضي، أن الزلزال الذي ضرب إزمير المسلمة ضرب اليونان المسيحية في اللحظة نفسها. فالقدر الإنساني واحد، وهو محاولة إطفاء الحرائق ولملمة جروح الزلازل. أما التطرف الصغير والتطرف الكبير فهو واحد. والمناخ الذي نشره إردوغان في كل مكان، يؤدي إلى ازدهار مناخين: واحد يرى أن الحرية هي في نشر صور عديمة الخلق تسيء إلى الرسول ومئات الملايين من المؤمنين، والثاني ذرى في إشعال الحروب والعودة إلى القرون الوسطى، بطولة ونموذجاً.
في مثل هذا الانقسام المفزع بين عالمين، تكبر مسؤولية عقلاء الأرض. وتكبر مسؤولية مدركي المسؤوليات، ويحاول أهل هذا العالم أن يفهموا كيف أن رجلاً مثل العويساوي حرص بكل عاطفة أن يسمع صوت أمه قبل أن ينفلت في مذبحة تطال أولاً عنق أم أفريقية تركت خلف رأسها المقطوع ثلاثة أطفال. رسوم «شارلي إيبدو» الحقيرة وخطابات الكراهية تؤدي إلى فظاعة واحدة.

المصدر :

Wakalat | وكالات

jordantodayonline

GMT 00:33 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عن ردع إيران إقليمياً ودولياً

GMT 00:24 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لكنْ ماذا عن المسلمين أنفسهم؟

GMT 00:20 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

GMT 00:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع عالمي «إرهابي» بامتياز

GMT 00:04 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حرمان الأمومة... مرتين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طريقان إلى فظاعة واحدة طريقان إلى فظاعة واحدة



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 20:34 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

المدرسة الشاملة ودورها في تحقيق التنمية المستدامة

GMT 13:12 2012 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

القاضية خلود الفقيه بين أقوى 100 امرأة عربية

GMT 23:28 2017 الإثنين ,05 حزيران / يونيو

دورتموند يضم المدافع الشاب دان أكسيل زاغادو

GMT 08:19 2016 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

فيلم "جسد غريب" ينافس على "المهر الطويل" في مهرجان دبي

GMT 11:07 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

الفلكي التونسي حسن الشارني يتنبأ بتقسيم العراق

GMT 01:56 2015 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

لقطات من التدمير الذي ألحقته "داعش" في مدينة تدمر السورية

GMT 21:10 2016 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

القرفة لمعالجة الرؤوس السوداء

GMT 06:19 2020 الإثنين ,24 آب / أغسطس

"تاكسي طائر" يدخل الخدمة 2025 بمدى 300 كيلومتر

GMT 06:39 2019 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

ديكورات مميزة ومريحة تجمع الأناقة والهدوء في مطابخ 2020

GMT 07:23 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

"نيسان" تستعرض جديدها في"معرض طوكيو الدولي"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab