لحظة القبض على دمعة

لحظة القبض على دمعة

لحظة القبض على دمعة

 الالأردن اليوم -

لحظة القبض على دمعة

بقلم -إنعام كجه جي

يبيع الفقير كليته ليطعم أطفاله. أو يبيع دمه ليشتري دواء لهم. وهناك من المشاهير المترفين من يبيع دموعه ويقبض ثمنها مزيداً من المال والانتشار. هذا ما نراه في كثير من برامج «التوك شو»، أي استعراض الكلام، أو في حصص تلفزيون الواقع.

يجلس الضيف أمام المذيع، ويُفضّل لو كان ضيفة، ويبدأ بالرد على أسئلة مصممة للإحراج. ينكش مقدم البرنامج في سيرة ضيفه. يتطرق إلى دقائق حياته الخاصة ويستفسر عن مواقف يود صاحبها لو ينساها. أو يوهمنا بأنه يود لو ينساها. لكنه فنان واضح وصريح ولن يتهرب من الرد. وهي فنانة سيرتها على كل لسان وليس لديها ما تخفيه. هل صحيح أنك تزوجت للمرة الخامسة؟ لا، مجرد إشاعة، ولو تزوجت أعدك بأنك ستكون أول من يعرف. تشتكي الضيفة من ظلم الشائعات التي تسمم عيشتها وتطرق برأسها وتوشك على البكاء.

يخرجون بنا إلى فاصل إعلاني فنمتثل ونجلس مكتّفي الأذرع مثل التلاميذ الشطّار ننتظر عودتهم. كان الإعلان الترويجي للبرنامج قد وعدنا بالكثير من الدموع. نحن نريد الدموع. تلك اللحظة التي تسبل فيها النجمة رموشها الكثيفة المضاعفة ويسيل الكحل على وجنتيها العامرتين. لحظة يتحفز المخرج ويطلب من المصور أن يذهب «زوووووم» على الوجه الباكي. تصاب الشاشة بالهيجان عند بلوغ ذروة الاستعراض. لا بد من اقتناص الدمعة الفارة من العين بأكبر لقطة ممكنة. ثم يتكرم مقدم البرنامج ويأمر للضيفة بمنديل، ثم يخرج إلى فاصل لإصلاح ما فسد من زينتها.

مضى زمن المنفلوطي لكن هناك أحزاباً طويلة عريضة من عشاق «العبرات». تتابع الأمهات أفلام أمينة رزق وفاتن حمامة وشادية ومناديلهن بأيديهن. تسأل الطفلة والدتها عن سبب بكائها وهي تتفرج على التلفزيون، وتجيب الأم: «غداً تكبرين وتفهمين». تكبر البنت وتتصور أنها فهمت. تذهب مع صديقاتها إلى السينما ويشترين علبة «كلينكس» قبل اقتناء التذاكر. المآسي جذابة والحزن جميل وذرف الدموع يخفف عن القلوب المتلهفة للحب. تنقلب البكائيات إلى حفلات ترفيه. تخرج أفواج المشاهدين من الصالة بأعين حمراء ونفوس مُنتشية. لم تذهب فلوس الفيلم سدى.

لكن النجمات لسن وحدهن من يبكين في برامج التلفزيون. ولا البنات في السينما. هناك زعماء يعرفون سطوة الدمعة فيذرفونها في مواقف الأزمات أمام الجماهير. رأينا قادة من الشرق والغرب يمارسون هذا التمرين الناجح على مدى العصور. أنت قوي لكنك مهموم بهموم شعبك. قلبك على قلبه. تجسّ نبض معاناته ولا تنعزل في أبراج العاج. ثم ينبري ألف قلم ليتغنى ببلاغة الدمعة، و«لا تبكِ يا حبيب العمر».

وضع مخرج مسلسل «ذا كراون» عبرة من الغليسرين على خد إليزابيث الثانية. لكن ملكة بريطانيا حرصت على ألا يراها أحد وهي تبكي في العلن. لعلها ذرفت دموعاً في جنازة والدها، أخفاها حجاب الدانتيلا المسدل على وجهها. أو مسحت جفنها لدى إزاحة الستار عن نصب لضحايا الحرب. ولم تكن تلك دمعة صريحة بل شبهة دمعة. وحتى كنّتها الليدي ديانا لم تبلّ ريق المشاهدين بدمعة، خريف 1995. في مقابلتها الشهيرة مع «بي بي سي». كانت حزينة كسيرة تقول كلاماً مؤسفاً بينما يتحفز المذيع والمخرج وفريق التصوير للقبض على دمعة تفرّ من عينيها. لم يفهموا أنها حسبت مع مستشاريها، مسبقاً، وقع كل عبارة، ورتّبت تأثير كل نظرة ونهنهة. لا يليق بالأميرة المحبوبة أن تنزلق إلى الميلودراما. هي المرأة الضعيفة القوية التي هزّت أركان العرش.

jordantodayonline

GMT 00:33 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عن ردع إيران إقليمياً ودولياً

GMT 00:24 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لكنْ ماذا عن المسلمين أنفسهم؟

GMT 00:20 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

GMT 00:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع عالمي «إرهابي» بامتياز

GMT 00:04 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حرمان الأمومة... مرتين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لحظة القبض على دمعة لحظة القبض على دمعة



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 22:55 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة إعداد حلوى "تشيز كيك اللوتس" الشهية

GMT 15:31 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

الأرض تشهد اقتراب كويكب ضخم يصنّف كـ"خطر محتمل"

GMT 11:43 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"أولارو" أفضل المنتجعات الأفريقية لقضاء رحلة سفاري ممتعة

GMT 00:27 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

الأصفر الخردلي يتربع على عرش موضة شتاء 2018

GMT 16:54 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

المغربي أحمد الريسوني يخلف يوسف القرضاوي

GMT 01:14 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

محمد رمضان يؤكّد أن خلافه مع ريهام سعيد انتهى

GMT 10:23 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

"دور المزادات اللندنية" تبرز أرقى الفنون الإسلامية في معرضها

GMT 06:36 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

خطوات بسيطة تمكّنك من تحويل الأثاث القديم إلى "مودرن"

GMT 12:55 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

ظهور مميز للعرب في الدوري الفرنسي لكرة اليد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab